للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإِذَا أَسفَرَ أَتَى مِنىً، ورَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي سَبْعًا خَذْفَاً، وكَبَّرَ بِكُلِّ،

===

رؤوسها، وإِنَّا نَدْفَعُ قبل أَنْ تغيب، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام إِذا كانت الشمس) (١) منبسطة». ورواه الشافعي وقال: «وإِنَّا لا نَدْفَعُ مِنْ عرفةَ حتى تَغْرُبَ الشمسُ، ونَدْفَعُ مِنْ مُزْدَلِفَة قبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشمسُ، هَدْيُنَا مُخَالِفٌ لِهَدْي أَهْلِ الأَوْثَانِ والشِّرْكِ».

(وإِذَا أَسْفَرَ (٢) ) أَي صار في وقت الإِسْفار. وأَمَّا ما وَقَعَ في بعض نُسَخ القُدُوري «وإِذَا طَلَعَتْ» فَخَطأٌ، لأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُع الشمسُ كما في حديثِ جابر، (أَتَى مِنىً) أَي تَوَجَّه إِليها. ولو دَفَعَ بِلَيْلٍ لِعُذْرٍ به: مِنْ ضَعْفٍ، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ جازَ، ولا شيءَ عليه لما رَوَى ابن عمر أَنه صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لضَعفَة النَّاسِ أَنْ يدفعوا بِلَيلٍ. رواه أَحمد: فإِذا بَلَغَ بَطْنَ مُحَسِّر أَسْرَعَ إِنْ كانَ ماشِياً، وحَرَّكَ دابَّتَهُ إِنْ كان رَاكِباً قَدْرَ رميةٍ، ويقول: اللهُمَّ لا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، ولا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وعَافِنا قَبْل ذلك.

(ورَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي سَبْعاً) أَي سَبْعَ حَصَيَاتٍ (خَذْفَاً) وهو ـ بالخاء المعجمة ـ الرَّمْيُ برؤوس الأَصابع. يُقَال: الحَذْفُ بالعصا، والخُذْفُ بالحصى، الأَول بالحاء المهملة، والثاني بالمعجمة.

وكيفيتُهُ: أَنْ يضعَ الحصياتِ على ظُفْرِ إِبْهَامِهِ اليمنى ويستعين بالمُسبَحة. وقيل: يَأْخُذُ بِطَرفي إِبهامه ومُسَبِّحَتِهِ، قال ابنُ الهُمَام: وهو الأَصح، لأَنه الأَيسر والمعتاد في الأَكثر. هذا، وقد ورد عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود أَنه رَمَى جمرةَ العَقَبةِ مِنْ بَطْن الوادي بِسَبْع حصياتٍ يُكَبِّر مع كلِّ حصاةٍ، قال: فَقِيل له: إِنَّ ناساً يَرْمُونها مِنْ فوقها، فقال: هذا والذي لا إِلهَ غَيْرُه مَقَامُ الذي أُنزلتْ عليه سورةُ البقرة.

(وكَبَّرَ بِكُلَ) أَي مع كلِّ حصاةٍ لحديث جابر: رَكِب القَصْواءَ حتى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامِ فاستقبل القبلةَ، ودَعَا، وكَبَّرَ، وهَلَّلَ، وَوَحَّدَ، فلم يَزَل واقِفَاً حتى أَسْفَرَ جداً، فدفع قَبْلَ أَنْ تطلعَ الشمسُ حتى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّر فَحَرَّك قليلاً ـ أَي ناقته ـ ثُم سلك الطريق الوُسْطى التي تخرج على الجمرة الكُبْرى، حتى أَتَى الجمرةَ التي عند الشجرةِ فَرَمَاها بِسَبْعِ حَصَياتٍ يكبر مع كلِّ حصاة مثل حصى الخذف، رَمَى مِنْ بطن الوادي ثُم انصرفَ إِلى المنْحَر. رواه مسلم.

وفي «سُنن أَبي داود» عن سليمان بن عمرو بن الأَحوص عن أُمِّه قالتْ: رأَيْتُ


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوعة.
(٢) تقدم شرحها ص: ٦٥٩، تعليق رقم (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>