للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبلَ وُقُوفِ عَرَفَةَ أَفْسَدَ حَجَّهُ، ومَضَى في حَجِّهِ وذَبَحَ وقَضَى. ولَمْ يَتَفَرَّقَا في القَضَاءِ،

===

أَوْ الدُّبُر (قَبْلَ وُقُوفِ عَرَفَةَ) أَي قَبْل وُقُوفه بعرفاتٍ في زمانه (أَفْسَدَ حَجَّهُ) بالإِجماع، لأَن الجِمَاع أَقْوى مَحْظُوراتِ الإِحرام.

(ومَضَى في حَجِّهِ) لإِجماع الصحابةِ على ذلك (وذَبَحَ) شاةً أَوْ شَارَكَ في سُبُعِ بقرةٍ أَوْ جَزُورٍ. وقال الشافعي: يجِبُ بَدَنَةٌ اعتباراً بالجِماعِ بعد الوقوف، بل أَوْلى، لأَن الجِمَاعَ قَبْلَه في مُطْلق الإِحرام، بخلافِه بعده. وأُجيبَ بأَنَّه لما وجب القضاءُ في الجِماع قَبْلَ الوقوف خَفَّ معنى الجِناية، فتجِبُ الشاةُ. وقد رَوى البيهقيُّ عن يَزِيد بن نُعَيْم الأَسلمي التابعي: أَنَّ رجلاً جامع امرأَتَهُ وهما مُحْرِمَانِ، فسأَلا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما: «اقْضِيَا نُسُكَكُما، واهْدِيا هَدْياً». واسم الهَدْي يتناول الشاةَ كما يتناولُ البَدَنَة، وفي البَدَنَةِ أَكْمل، والواجب انصرافُ المطلقِ إِلى الكامل في الماهية لا إِلى الأَكمل، وماهية الهَدْي كاملةٌ في الشاة.

ورَوى أَبو داودَ مُرْسَلاً: أَنَّ رجلاً من جُذَام جامع امرأَتَه وهما مُحْرِمَان، فسأَل الرجلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: «اقْضِيَا حَجَّكُما واهْدِيا هَدْياً». ورَوى ابن وَهْب بسندٍ فيه ابنُ لَهِيعَة عن يزيد بن أَبي حَبِيب: أَنَّ رجلاً من جُذَامٍ … الحديثَ، وفيه: «إِذا كُنْتُما بالمكانِ الذي أَصَبْتُما فيه ما أَصَبْتُمَا، فأَحْرِمَا وتَفَرَّقَا ـ إِلى أَنْ قال: واهْدِيَا ـ». وضُعِّف بابن لَهِيعة. ورُوي بالزيادةِ عن عِدَّةٍ من الصحابةِ، فابنُ أَبي شيبةَ أَسْنَدَهُ إِلى مَنْ سَأَل مُجَاهداً عن المُحْرم يُواقِع امرأَتَه، فقال: كان ذلك على عَهْد عُمَرَ، فقال: يَقْضِيَانِ حَجَّهُما، ثُم يَرْجِعَان حَلَالاً، فإِذا كانَ مِنْ قابل حَجَّا وأَهْدَيا، وتَفَرَّقَا من المكانِ الذي أَصابَهَا فيه.

وقال مالك في «المُوَطَّأ»: (إِنَّه بلغه) (١) أنَّ عمرَ بنَ الخطاب، وعليّ بنَ أَبي طالب، وأَبا هريرةَ سُئِلوا عن رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَه وهو مُحْرِمٌ بالحَجِّ، فقالوا: يَنْفُذَان لوجههما حتى يَقْضِيَا حَجَّهُما. ثُم عليهِما حَجٌّ مِنْ قابل والهَدْيُ، إِلاَّ أَنَّ عَلِيّاً قال: فإِذا أَهَلاَّ بالحَجِّ مِنْ قابِل تَفَرَّقَا حتى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا. والدَّارَقُطْنِيّ أَسْنَدَه عن ابن عمر، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن أَبي شيبةَ عن عليَ أَيضاً قال: على كُلِّ واحد منهما بَدَنَةٌ، فإِذا حَجَّا من قابل تَفَرَّقَا من المكان الذي أَصابها فيه.

(وقَضَى) بإِجماع (ولَمْ يَتَفَرَّقَا في القَضَاءِ) وهو مَرْويٌّ عن الحسن وعطاء إِلاَّ


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع، وإثباته الصواب لموافقته لما في الموطأ ١/ ٣٨١، كتاب الحج (٢٠)، باب هدي المحرم إذا أصاب أهله (٤٨)، رقم (١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>