للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجِبُ جَزَاؤهُ، أَي ما قَوَّمَهُ عَدْلانِ في مَقْتَلِهِ، أَوْ [في] أَقْرَبِ مكانٍ مِنْه، فَيَشْتَرِي بِهِ هَدْيًا يُذْبَحُ بِمَكَّةَ،

===

عليه لكنه أَثِم.

(يَجِبُ جَزَاؤهُ: أَي ما قَوَّمَهُ عَدْلانِ في مَقْتَلِهِ) أَي مكان قَتْله إِنْ كان له فيه قيمةٌ، بأَنْ كان يُباعُ ويُشْتَرى في ذلك الموضع (أَوْ (في) (١) أَقْرَبِ مكانٍ مِنْه) إِنْ لم يكنْ له في مكانِ قَتْله قيمةٌ، وذلك لأَن القيمة تختلف باختلافِ الأَماكن فيعتبر مكان قتله أَوْ ما قَرُبَ منه.

أَمَّا وجوب الجزاء بالقتل فمجمعٌ عليه، وقد قال تعالى: {يا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وأَنْتُم حُرُمٌ ومَنْ قَتَلَهُ مِنْكُم مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ به ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُم هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلك صِياماً لِيَذُوقَ وبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ومَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْه واللهُ عَزِيزٌ ذو انْتِقَامٍ} (٢) . وأَمَّا وجوبُه بالدلالة فقال الطحاوي: ولَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصحابةِ خلافُ ذلك.

(فَيَشْتَرِي) أَي القاتل (بِهِ) أَي بِمَا قَوَّمَه عَدْلانِ إِنْ بَلَغَتْ (هَدْياً) مُجزياً في الأُضْحِيةِ من جَذَعِ (٣) الضأْن أَوْ ثَنِيِّ (٤) المَعْزِ، وهذا شرطٌ عند أَبي حنيفةَ حتى لو لم يبلغ قيمةُ الصيدِ إِلاَّ قيمةَ حَمَلٍ (٥) أَوْ عَنَاقٍ يتصدَّقُ بها، ولا يُذْبَح بطريق الهَدْي عنده، لأَن مطلق الهَدْي يَنْصرفُ إِليه، كما في هدي المتعةِ والقِران، فإِنَّه ينصرفُ إِلى ما يجزاء في الأُضحيةِ. ولم يشترط محمدٌ ما يُجزاء فيها لِعُمومِ قوله تعالى: {مِنَ النَّعَمِ} فإِنَّه صادقٌ على الكبير والصغير، ولأَنَّ الصحابةَ أَوجبوا عَنَاقاً وجَفْرَةً. والعَنَاق: الأُنثى مِنْ أَولادِ المَعْزِ، والجدي: الذكَر، وهما دون الجَذَع. والجَفْر: ما يبلغُ أَربعةَ أَشْهُر، والجَفْرَة: أُنْثى. وَرُوي عن أَبي يوسف الاشتراطُ وعَدَمُه.

(يُذْبَحُ بِمَكَّةَ) أَي في أَرْضِ الحَرَم. ويخرج عن العُهْدةِ بمجرد ذبحه (فيها، حتى) (٦) لو أُتْلف، (أَوْ تُصُرِّف فيه) (٧) ، أَوْ سُرِق بعد الذَّبْح لا يجبُ عليه شيء، فلا


(١) سقط من المطبوع.
(٢) سورة المائدة، الآية (٩٥).
(٣) الجَذَع: هو من الغنم ما كان عُمُره أكثر من ستة أشهر. معجم لغة الفقهاء ص: ١٦١.
(٤) الثَّنِي: هو من الإبل ما أَتَمَّ خمسة أعوام، ومن البقر ما أَتَم حولين، ومن الغنم ما أتم حولًا. معجم لغة الفقهاء ص: ١٥٥.
(٥) الحَمَل: الصغير من أَولاد الضأْن (الغنم). معجم لغة الفقهاء ص: ١٨٦.
(٦) سقط من المطبوع.
(٧) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>