معازفَ غيره مِنْ الملاهي: كالمِزْمار والبَرْبَط (١) ، فعنده يَضْمن قيمته لغير لَهْوٍ، وعندهما لا يضمن. فلهما أَنه يجب عليه إِرساله، فإِذا فعله غيره حسبةً لم يضمن، لأَنه أَمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر، كمَنْ أَراق خَمْرَ مسلمٍ.
وله أَنه أَتلف مِلْكَه بإِرساله فيضمنه، وهذا لأَن الصيد قبل إِحرامه كان مِلْكاً له متقوماً، ولم يبطل تَقَوُّمُه بإِحرامه، حتى لو أُرسل، ثُم وجده بعد الإِحرام في يد شخصٍ كان له أن يأْخذه منه، فالمرسِل أَتلف عليه مِلكاً متقوِّماً له فيضمنه، بخلاف إِراقة الخَمْر لأَنه ليس بمتقومٍ، والواجب عليه رَفْع يده، ولو رفَعه بنفسه لرفَعَه على وجهٍ لا يفوت مِلْكه بعد ما يحِل مِنْ إِحرامه، فإِذا فَوَّت المُرْسل مِلْكه فقد زاد عليه ما بِحقِّه فيضمنه. وقيد:«بأَنه أَخذه حال كونه حَلَالاً» لأَنه لو أَخَذَه حال كونه مُحْرِماً لا يضمن مرسِلُه باتفاقٍ، لأَن المُحْرِم لا يملكه.
(وإِنْ قَتَلَ مُحْرِمٌ صَيْدَ مُحْرِمٍ) فكلٌ يجزي، لأَن الآخذ متعرّضٌ للصيد بأَخْذه، والقاتلَ متعرّضٌ له بِقَتْله (ورَجَعَ آخِذُهُ) بما ضَمِنَ إِذا كَفَّر بالمال (عَلَى قَاتِلِهِ) وإِنْ كَفَّر بالصوم فلا. وقال زُفَر: لا يرجع، لأَنه في مقابلة صُنْعِه. ولنا أَنَّ القاتل قرر بِقَتْله ما كان على شرف الزوال، لأَن الآخذ كان متمكناً مِنْ الإِرسال فيضمن، كشُهودِ الطلاقِ قبل الدخول إِذا رجعوا، حيثُ يرجِع الزوج بما ضَمِنه مِنْ نصفِ المَهْر عليهم.
(وَمَا بِهِ دَمٌ) واحِدٌ (عَلَى المُفْرِدِ) بالحج أَوْ العمرة (فَعَلَى القَارِنِ دَمَانِ) دمٌ لحجته، ودَمٌ لعمرته، لأَنه متلبّسٌ بإِحرامين وقد جنى عليهما، وكذا ما يقومُ مقَامَ الدَّم من الصدقةِ والصوم (إِلاَّ بِجِوَازِ الوَقْتِ) ـ بكسر الجيم ـ أَي بمجاوزة الميقات المكاني (غَيْرَ مُحْرِم بهما) فإِنَّ القارن يلزمه دَمٌ واحدٌ عندنا، لأَن المستحق عليه عند الميقات إِحرامٌ واحدٌ، وقد فوّته. ولهذا لو أَحْرَمَ مِنْ الميقات بالعمرةِ ثُم أَحرم داخلَ الميقاتِ بالحج لا يجِب عليه شيءٌ، لكن لو أَحرم بالحج مِنْ الحلِّ وبالعُمرة من الحرم أَوْ بهما مِنْ الحرَم، فعليه دَمَانِ. وهذا كُلُّه إِذا مضى على إِحرامه ذلك ولم يعد، أَما إِذا عاد إِلى الميقاتِ قبل الطوافِ وجدَّد التلبية والإِحرام، سقَط عنه الدَّم خلافاً لزُفر.
وكذا بِقَطْع شجر الحرَم، وترْك الوقوفِ بمُزْدَلِفَةَ، والإِفاضة قبل الإِمام من عرفةَ، والحلْق قَبْل الرَّمي، والحلْق قبل الذَّبْح، وتأْخير الحلق عن أَيَّام النَّحْر،
(١) البَرْبَط: العُود. المعجم الوسيط ص: ٤٦، مادة (البَرْبَط).