للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُثَنَّى جزاء صَيْدٍ قَتَلَهُ مُحْرِمانِ. واتَّحَدَ لَوْ قَتَلَ صَيْدَ الحَرَمِ حَلَالَانِ.

بَاعَ المُحْرِمُ صَيْدًا أَو شَرَاهُ، بَطَل، ولَوْ ذَبَحَهُ حَرُمَ، ولَوْ أَكَلَ، غُرِّمَ قِيمَةَ مَا أَكَلَ لا مُحْرِمٌ لَمْ يَذْبَح.

===

وتأْخير الذَّبْح عنها، وترك الجمار، وترْك أَحد السَّعْيَيْن، وتَرْك طواف الصَّدَر، عليه دَمٌ واحِدٌ في جميع هذه الصُّور، لأَنها لا تتعلّق بإِحْرامَيْهِ (١) . وكذا لو نذَر حجّةً أَوْ عُمرةً ماشِياً فَقَرَن وركِب فعليه دَمٌ واحِدٌ. وكذا لو طافَ للزيارةِ جُنُباً أَوْ على غيرِ وضوء أَوْ للعُمرةِ كذلك، فعليه جزاء واحِدٌ، وإِنْ طافَ لَهُما كذلك، فعليه جَزَاآنِ.

(ويُثَنَّى جزاء صَيْدٍ قَتَلَهُ مُحْرِمانِ) لأَنَّ كلَّ واحِدٍ منهما جَنَى على الصيدِ جنايةً تَفُوقُ الدلالةَ، وهو أَعَمُّ مِنْ أَنْ يكونَ صيدَ الحرَم أَوْ الحِلِّ. ولو كانوا عَشرَةً فعلى كل واحدٍ منهم جزاء كامِلٌ. (واتَّحَدَ) الجزاءُ (لَوْ قَتَلَ صَيْدَ الحَرَمِ حَلَالَانِ) لأَن الواجب فيه بَدَل المحل لا جزاء الفِعْل، ولهذا لا يتأَدَّى بالصوم. فلا يتعدّدُ الجزاء إِلاَّ بتعدّدِ المحلِّ، ولا تعدُّد هنا. ولو قتل مُحْرِمٌ صيوداً على قَصْد التحلل. بالأَوَّل يكفيه جزاءٌ واحِدٌ عندنا، وأَلْزمه مالِكٌ والشافعيُّ عن كُلِّ صيدٍ جزاءً.

(بَاعَ المُحْرِمُ صَيْداً أَوْ شَرَاهُ بَطَل) لأَن في بيعه وشرائه تعرّضاً له، ولأَن المُحْرم لا يملك الصيدَ لا بالشراءِ، ولا بالهبةِ، ولا بالإِرْث، ولا بالوصية، فإِنْ قبضَه بعد الشراء دخَل في ضمانه، فإِنْ هلَك في يده لزِمه الجزاءُ لِحقِّ الله تعالى، والقيمةُ لمَالِكِه. وكذا لو وهَب مُحْرمٌ صيداً مِنْ محرمٍ فهلَك عنده، فعليه جزاآن، لحقِّ اللهِ، وضمانٌ لصاحبه، لفسادِ الهبةِ. ولو ردَّه المشتري على البائعِ فعليه جزاءٌ واحِدٌ حقّاً لِلّهِ تعالى، لتعديته بالتسليم.

(ولَوْ ذَبَحَهُ) أَي المُحْرِم الصَيْدَ (حَرُمَ) على الذابح وعلى غَيْرِهِ، لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُم صَيْدُ البَرِّ ما دُمْتُم حُرُماً} (٢) كذا عَلَّله الشارح، والأَظْهر أَنه لِكَوْنِهِ كالميتةِ أَوْ كذَبْح المجوسي، وكذا ما ذبَحَه الحَلالُ مِنْ صيد الحَرَم.

(ولَوْ أَكَلَ) المُحْرِم الذابح من الصيد (غُرِّمَ قِيمَةَ مَا أَكَلَ) عند أَبي حنيفة. وقالا: لا شيء عليه إِلاَّ الاستغفار. وهذا الخلاف إِذا أَكل بعد الجزاء، وأَما إِذا أَكل قَبْلَه فيدخل قيمة ما أَكل في الجزاء اتفاقاً (لا مُحْرِمٌ) أَي لا يُغَرَّم قيمةَ ما أَكل مِنْ لحم الصيد مُحْرِمٌ (لَمْ يَذْبَح) باتفاقهم. ولو اضطر مُحْرم إِلى أَكْل الميتة فقتل


(١) أي إِحرام العمرة إِحرام الحج.
(٢) سورة المائدة، الآية: (٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>