للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قُبُلِ أو دُبُر، على الفاعلِ والمفعولِ به،

===

مقطوعةً ولو مِنْ مقطوع الأُنثَيْين (١) (في قُبُلٍ أو دُبُر) وإنما لم يَقُل: والتقاءُ الخِتانَينِ كما في الحديث الآتي، لأنه لا يَتناول الدُّبُر، ولأنَّ الحاصِلَ في القُبل أيضاً ليس بالتقاءٍ حقيقةً وإنما هو محاذاةٌ، لأنَّ ختان المرأة أعلى الفرجِ فوقَ مخرجِ البول، ومحلُّ الوطء أسفَلُه. والخِتانُ سُنَّةٌ للرجل تكرِمةً لها، إذْ جِماعُ المختون ألذّ. وفي «نَظْم الفقه»: سُنَّةٌ فيهما غير أنه لو تركه يُجبَرُ عليه إلا مِنْ خشية الهلاك، ولو تركَتْه هي لا.

(على الفاعلِ) وهو ظاهرٌ، لأنَّ الحدَّ واجبٌ عليه اتفاقاً (والمفعولِ به) أمَّا عند أبي يوسف ومحمدٍ فلأنه لمَّا وجَبَ عليه الحدُّ الذي يُحتاط في تركِهِ ففي (٢) الغُسْل الذي يُحتاط في فعِله أولى. وأمَّا عند أبي حنيفة فلأنَّ الاحتياطَ في الحَدّ تَرْكُه وفي الغُسل فِعلُه.

وقالت الظاهرِيَّةُ: لا يجب الغُسْل بدون الإِنزال لِمَا في «الصحيحين» عن أُبَيّ بن كعب قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرَّجُل يُصيبُ من المرأة ثم يُكسِلُ؟ فقال: «يَغْسلُ ما أصابه مِنْ المرأة، ثم يَتوضَّأُ ويُصلِّي». يُقال: أَكْسَلَ الرجلُ في الجماع: إذا خالَطَ أهلَه ولم يُنزل.

ولنا ما روى مسلم عن أبي موسى الأشعري قال: اختلَفَ رَهْطٌ من المهاجرين والأنصار فقال الأنصاريُّون: لا يجبُ الغُسل إلا من الدَّفْق أو مِنْ الماء، وقال المهاجرون: بل إذا خالَطَ فقد وجَبَ الغُسل، وقال أبو موسى: أنا أَشْفِيكُم مِنْ ذلك، قال: فاستأذنتُ على عائشة فأُذِنَ لي فقلتُ: يا أُمَّاهُ إِني أُريد أَنْ أسألكِ عن شيءٍ وأَنا أستحييك، قالت: لا تَسْتَحْيِي أن تسألَنِي عمَّا كنتَ سائلاً عنه أُمَّك التي ولدَتْك فإنَّما أنا أُمُّك، قلتُ: فما يُوجِبُ الغُسْلَ؟ قالتْ: على الخَبِيرِ سقطتَ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا جَلَسَ (٣) بين شُعَبِهَا الأربع (٤) ، ومَسَّ الخِتانُ الخِتانَ فقد وَجَبَ الغُسْلُ».

وفي «مُسنَد عبد الله بن وَهْب» أنه قال عليه الصلاة والسلام: «إذا التَقى الخِتَانانِ وغابَتْ الحشَفَةُ وجَبَ الغُسلُ أَنزَل أو لم يُنْزِل». ولفظُ ابنِ أبي شيبة في «مُصنَّفه»: و «توارَتْ الحشَفَةُ». وفي الترمذيِّ وابنِ ماجه عن عائشة رضي الله عنها:


(١) أي الخصيتين
(٢) في المخطوطة: "يحتاط في تركه، فلأن يجب الغسل الذي … ".
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "إذا جلس أحدكم"، والمثبت من صحيح مسلم ١/ ٢٧١، كتاب الحيض (٣)، باب نسخ الماء من الماء … (٢٢)، رقم (٨٧ - ٣٤٨).
(٤) شعبها الأربع: اليدان والرجلان. النهاية ٢/ ٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>