للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَنْعَقِدُ بإيجابٍ وقَبُولٍ لَفْظُهُمَا ماضٍ كـ: زَوَّجْتُ وتَزَوَّجْتُ أو أمرٌ وماضٍ كـ: زَوِّجْني، فقال: زَوَّجْتُ وإِنْ لَمْ يَعْلَما مَعْنَاه، وَقولِهِما: دادُ ويذيُرفث بلا مِيمٍ بعد دادي وبذيرُفتي كَبَيْعٍ وشِرَاءٍ

===

يحيى، مع أنه كان في شريعتهم العُزْلة أفضل من العِشْرَة، وفي شريعتنا العِشْرَة أفضل من العُزْلة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لَا رهْبَانِيَّة في الإسلام» (١) .

هذا، ويستحب مباشرة عقد النكاح في المسجد، وكونه في الجمعة، لِمَا في سنن التِّرْمِذي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَعْلِنُوا هذا النِّكَاحَ واجعلوه في المساجد، واضرِبوا عليه بالدُّفُوف». أي خارجَه (٢) . وفي الترمذي والنَّسائي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فصل ما بين (٣) الحلال والحرام الدُّفُّ والصوت». قال الفقهاء: المراد بالدُّفِّ ما لا جَلاجِل له.

(يَنْعَقِدُ) أي يرتبط عقد النكاح (بإيجَابٍ) وهو ما يُقَال أوّلاً (وقَبُولٍ) وهو ما يُقال ثانياً (لَفْظُهُمَا) أي صيغة الإيجاب والقبول كلاهما (ماضٍ كـ: زَوَّجْتُ) أو أنكحتُ (وتَزَوَّجْتُ) أو نَكَحت، أو قَبِلتُ، أو رَضِيت. وإنما اختير لفظ الماضي للإنشاء، لأنه أدلّ على الوجود والتحقق، حيث أفاد دخولَ المعنى في الثبوت والوقوع قبل الإخبار (٤) .

(أو) لفظهما (أمرٌ وماضٍ) أي وُضِع أحدهما للإخبار والآخر للإنشاء (كـ: زَوِّجْني) أو زَوِّج ابنتك (فقال) الآخر: (زَوَّجْتُ). وفي «فتاوى قَاضِيخَان»: ولفظ الأمر في النكاح إيجابٌ، وكذا في الطلاق إذا قالت: طَلِّقني على ألف، فطلَّقها كان تاماً.

(وإنْ لَمْ يَعْلَما) أي العاقدان (مَعْنَاه) أي معنى لفظ ما عقد به من التَّزَوُّج ونحوه.

(وَقولِهِما): (٥) أي: وينعقد بقول العاقدين: (دَادُ ويذيرُفت) (٦) بضم الراء (بلا مِيمٍ) أَي ولو بلا ميم (بعد دادي وبذيرُفتي (٧) كَبَيْعٍ وشِرَاءٍ) أي وكما في عقدهما


(١) قال العجلوني - رحمه الله تعالى - في كشف الخفاء ٢/ ٣٣٧: قال ابن حجر لم أره بهذا اللفظ لكن في حديث سعد بن أبي وقّاص عند البيهقي: "إن الله أَبدلنا بالرّهبانيةِ الحنيفية السمحة".
(٢) أي اضربوا الدّفُوف خارج المسجد لا في المسجد.
(٣) في المطبوع: الفصل بين، وما أثبتناه من سنن الترمذي والنسائي، وهو لفظ المخطوط أيضًا.
(٤) أي أن القَبول استقر وثبت في نفس المعبِّر قبل التعبير، ثم نطق بهذا القبول بلفظ من ألفاظ المضيّ ليدل على ما كان في نفسه. وهذه الألفاظ إخبارٌ لفظًا إنشاءٌ معنًى.
(٥) عطف على قوله: بإيجاب وقبول.
(٦) كلام فارسي معناه: الإيجاب والقبول.
(٧) كلام فارسي معناه: أعطيت وقبلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>