للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا بِقَولِهِما عِنْدَ الشُّهُودِ: ما زن وشوييم. ويصحُّ، بِلَفْظِ نكاحٍ وَتَزْوِيجٍ.

وما وُضِعَ لِتَمْلِيكِ العَيْنِ حالاً. وشُرِطَ سَمَاعُ كُلٍ مِنْهُما، وحُضُورُ حُرَّيْنِ، أو حُرٍّ وحُرَّتَيْنِ،

===

بلفظ الماضي. والفرق بين بعني كذا بكذا، فقال: بِعتُ، لا ينعقد البيع، وبين زَوِّجني فقال: زوجتك حيث ينعقد النكاح، مع أن الأمر ليس فيهما بإيجاب، وإنما هو توكيل، وكلاًّ من: زَوَّجتُ وبِعتُ إيجاب وقبول، أنّ الواحد يتولَّى طرفي عقد النكاح ولا يتولى طرفي عقد البيع، لأن الوكيل في النكاح سفيرٌ محضٌ، وفي البيع أصيلٌ في الحقوق، ولهذا ترجع الحقوق في النكاح إلى الموكِّل، وفي البيع إلى الوكيل. (لا بِقَولِهِما عِنْدَ الشُّهُودِ): أي الشاهدين: (ما زن وشُوييم) (١) .

(ويَصِحُّ) عقد النكاح (بِلَفْظِ نكاحٍ) أو تَزَوّجٍ (وَتَزْوِيجٍ) أو إنكاحٍ إجماعاً، لأنها صريحة، واقتصر الشافعي في جوازه عليهما.

(وما) أي بلفظ (وُضِعَ لِتَمْلِيكِ العَيْنِ) كُلِّها (حالاً) كالتمليك، والهِبَةِ، والصَّدَقَةِ، والبيع، والشِّرَاء، لأنها سبب لمِلك المُتْعَةِ في محلَ يَقبلها بواسطة مِلك الرقبة، فيكون من إطلاق السبب وإرادة المُسَبَّب لقوله صلى الله عليه وسلم «مَلَّكْتُكَها بما معك من القرآن» (٢) ، ولقوله تعالى: {وامْرأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} (٣) ، ولأن رجلاً وهب ابنته لعبيد الله بن الحقّ بشهادة شاهدين، فأجازه عليٌّ رضي الله عنه.

قَيَّد الوَضْعَ بتمليك العين، لأن النكاح لا ينعقد بلفظ الإجارة، ولا بلفظ الإعارة على الصحيح. وقَيَّدَ بالحال، لأن النكاح لا ينعقد بلفظ الوصية، لأنها لتمليك العين بعد الموت لا في الحال.

(وشُرِطَ سَمَاعُ كُلٍ مِنْهُما) أي من العاقدين لفظَ الآخر، لأن عدم سماع أحدهما لفظَ الآخر بمنزلة غَيْبته (وحُضُورُ حُرَّيْنِ، أو حُرَ وحُرَّتَيْنِ) وبه قال مالك خلافاً للشافعي، لأن عنده شهادة النساء في غير المال وتوابعه لا تُقبل، وسيأتي بيان ذلك في الشهادة إن شاء الله تعالى. قال في المبسوط: واعتمادنا حديث عمر رضي الله عنه،


(١) كلام فارسي معناه: نحن زوجة وزوج.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٩/ ١٣١، كتاب النكاح (١٣١)، باب تزويج المُعْسر … (١٤)، رقم (٥٠٨٧).
(٣) سورة الأحزاب، الآية: (٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>