للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُكَلَّفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ سَامِعَيْنِ معاً لَفْظَهُمَا.

===

حيث أجاز شهادة رجل وامرأتين في النكاح والفُرْقَة.

(مُكَلَّفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ) لأن الشهادة ولاية لنفوذ قول الشاهد على غيره، ولا ولايةَ للعبد والصبي والمجنون على غيره، ولا للكافر على المسلم.

وقال أهل المدينة: يجوز النكاح بغير شهود إذا أعلنوا، لأن ابن عمر زَوَّج ولم يُحْضِر شاهدين، وَزوَّج الحسن بن عليّ وابن الزُّبير وما معهما أحد. كذا قال ابن المُنْذِر.

ولنا ما روى الترمذي من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البغايا اللاَّتي يُنْكِحْنَ أنْفُسَهُنَّ بغير بَيِّنةٍ». ولم يرفعه غير عبد الأعلى في التفسير، ووقفه في الطلاق. وروي أيضاً عنه (١) أنه قال: «لا نكاح إلا بِبَيِّنَة». وروى الدَّارَقُطْنِي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا نكاح إلا بشُهُود»، وقد قال صلى الله عليه وسلم «لا نِكاحَ إلا بِوَليّ وشَاهِدَي عَدْلٍ، وما كان من نكاحٍ على غير ذلك فهو باطلٌ، فإن تشاجَرُوا فالسلطانُ وَليُّ مَنْ لا وليَّ له». رواه ابن حِبَّان وقال: لا يصح في ذكر شاهِدَينِ غير هذا الحديث.

(سَامِعَيْنِ معاً لَفْظَهُمَا) أي لفظ العاقدَينِ معاً، فلا ينعقد (بحضور أصمَّيْن، ولا بحضور سامعَين متفرقَين: بأن عَقَدا بحضور واحدٍ ثم بعد غَيبته عقدا بحضور آخر، وبأن عُقِد) (٢) بحضورهما فسمع أحدهما كلام العاقدين ولم يسمعه الآخر، فأعاد العقد، فسمعه الآخر ولم يسمعه الأول، أو بأن عَقَدا بحضورهما فسمع أحدُهما كلام الزوج والآخر كلَام المرأة، ثم أعادا فسمع كلامَ المرأةِ الذي كان سمع كلام الزوج، وسمع كلامَ الزوج الذي كان سمع كلامَ المرأة.

ووجه المنع في هذه الصورة أنهما عقدانِ لم يَحضُرْ كلَّ واحدٍ منهما شاهدانِ، وقيل: يصح بحضرة الأصَمَّين وأغْرَبَ من زاد: النَّائِمَينِ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا نكاحَ إلا بشهود»، ولأن السماع هو المقصود من الحضور، ولو سمعا كلَام العاقدَين ولم يعرِفا تفسيرَه، قيل: يصح، والظاهر خلافه.


(١) أي عن ابن عباس، كما في سنن الترمذي ٣/ ٤١٢، كتاب النكاح (٩)، باب ما جاء لا نكاح إلا ببينة (١٥). وهو موقوف على ابن عباس. وعبارة المطبوع: "ولأنه عليه السلام قال" والصواب ما أثبتناه من المخطوط.
(٢) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>