للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأما ما رواه يزيد بن الأَصَمّ أنه تزوجها وهو حلال، لم يَقْوَ قوةَ هذا، فإنه مما اتفق عليه الستة، وحديث يزيد لم يُخَرِّجه البخاري ولا النسائي، وأيضاً لا يقاوَم يزيدُ بابن عباس حفظاً وإتقاناً، لا سيما وميمونة خالته، فهو أعْرَف بخالته، لِمَا روى الطَّحاوي عن عمرو بن دينار: حدثني ابن شِهاب، عن يزيدَ بن الأصَمّ: (أنه صلى الله عليه وسلم نَكَحَ ميمونة وهما حلالان، قال: فقلتُ للزُّهْرِيّ: وما يُدْرِي ابنَ الأصم؟) (١) إنه أعرابي بَوَّال على عَقِبَيْه، أتجعله مثل ابن عباس؟.

وما روي عن أبي رافع أنه صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجها وهو حلالٌ، وبَنَى بها وهو حلال، وكنتُ أنا رسولاً (٢) بينهما، لم يُخَرَّج في واحد من الصحيحين (٣) وإن رُوي في «صحيح ابن حِبَّان»، فلم يبلغ ذلك في درجة الصحة، ولذا لم يقل فيه الترمذي سوى: حديث حسن، قال: ولا نعلم أحداً أسنده غير حَمّاد عن مَطَرٍ (٤) .

قال بعض المحققين: والحاصل أنه قام رُكْنُ المعارضة بين حديث ابن عباس وحَدِيثَي يزيد وأبان، وحديثُ ابن عباس أقوى منهما سنداً، فإن رَجَّحْنا باعتباره كان الترجيح مَعَنَا، ويَعْضُدُهُ ما رواه الطحاوي عن أبِي عَوَانَة، عن مُغِيرَة، عن أبي الضُّحَى، عن مَسروقٍ، عن عائشة، قالت: تزَوَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضَ نسائه وهو مُحْرِمٌ. قال: ونَقَلَةُ هذا الحديث كلهم ثِقاتٌ يُحْتَجُّ بروايتهم، ورواه البَزَّار في «مسنده» عن مسروق، عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم تَزَوَّج ميمونةَ وهو مُحْرِمٌ، واحتجم وهو مُحْرِمٌ.

وإن رَجَّحْنَا بقوة ضَبْطِ الرُّواةِ وفِقههم، فإن الرواة عن عثمان وغيره، ليسوا كمَن روى عن ابن عباسٍ ذلك، فقهاً وضبطاً، كسعيد بن جُبير، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وعِكْرِمة، وجابرِ بن زيد (٥) . وإن تركناه تساقطا للتعارض وصِرنا إلى القياس، فهو معنا،


(١) سقط من المطبوع.
(٢) في المخطوط: الرسول.
(٣) في هامش المخطوط: في نسخة: الصحاح. والصواب ما أثبتناه.
(٤) حُرِّف في المخطوط إلى: مطرف. والصواب ما أثبتناه من المطبوع والترمذي ٣/ ٢٠٠، كتاب الحج (٧)، باب ما جاء في كراهية تزويج المُحرِم (٢٣)، حديث رقم (٨٤١).
(٥) حرف في المطبوع إلى: جابر بن يزيد، والصواب ما أثبتناه من المخطوط وتهذيب الكمال ١٥/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>