للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو غَيَّرَهُ طَبْخًا، وهو مما لا يُقصَدُ به النَّظافةُ. وإِن اختَلَطَ به نَجَسٌ، فإن كان جاريًا أو عَشْرًا في عَشْر،

===

ونَحنُ لا نُنكِرُ أنه يُقالُ ذلك، ولكن لا يَمتنع مع ذلك ما دام الخَالِطُ مغلوباً أن يقول القائلُ فيه: ماء، من غيرِ زيادة، كما في ماء المَدِّ (١) والسَّيلِ حالَ غلبةِ لونِ الطِّينِ عليه. وإضافتُهُ إليه للتعريف كإضافته للبئر أو للعَيْن، لا للتقييد كماء البِطِّيخ. والفَرْقُ بين الإِضافتين عدَمُ صِحَّةِ نفي الماءِ في الأُولى وصحَّتِهِ في الثانية، فحيثُ لم يَصِحَّ النَّفيُ ـ وقيل الإِطلاق ـ كان مُطلَقاً ولَزِمَهُ حُكْمُه من إزالة الحُكمية شرعاً، إذْ زَوالُهُ بارتفاعه، وهو بأن يَحْدُثَ له اسمٌ على حِدَة، ولزومُ التقييدِ يَندرجُ فيه، وإنما يكونُ ذلك إذا كان الماءُ مغلوباً، إذْ في إطلاقه على المجموع حينئذٍ يكون اعتبارُ الغالبِ عَدَماً، وهو عكسُ الثابتِ لغةً وعرفاً وشرعاً.

(أو غَيَّرَهُ) أو إذا غيَّرهُ الخالِطُ الطاهِرُ (طَبْخاً) أي مِنْ جهةِ الطبخ، لأنه حينئذٍ ليس بماءٍ مطلقٍ لعدم تبادُرِهِ عند إطلاقِ اسمِ الماء، ولا مَعْنِيَّ (٢) بالمطلق إلا ما يَتبادَرُ عند إطلاقه (وهو) أي الطَّبْخُ بمعنى المطبوخ (مما لا يُقصَدُ به النَّظافةُ) جملةٌ حالية، وقيَّدَهُ به لأنه لو كانت النظافة تُقْصَدُ به كالسِّدْرِ والأُشنانِ يُطبَخُ بالماءِ: فإنَّه يُتوضَّأُ به، إلا إذا أَخرَجَ الماءَ عن طَبْعِه.

(وإِن اختَلَطَ به) أي بالماء (نَجَسٌ) بفتح الجيم، ويجوزُ كسرُها، إذ المتنجِّس لا يخلو عن النجاسة، فتُفهَمُ عينُها بالأَولى.

(فإن كان) أي الماءُ (جارياً): إِمَّا حقيقةً وهو ما يَعُدُّه الناسُ جارياً، وقيل: ما لا يتكرَّرُ استعمالُه، أو: ما يَذَهَبُ بِتِبْنةٍ. وألحقوا بالجاري حَوْضَ الحَمَّام إذا كان الماءُ يَنْزِلُ مِنْ أعلاه، حتى لو أُدخِلَتْ القصعة النجِسةُ فيه لا يتنجَّسُ. وإِمَّا حُكماً كما أشار إليه بقوله:

(أو عَشْراً في عَشْر) وبه قال عامَّةُ المشايخ، وعليه الفتوى. كما قال أبو الليث. وقيل: ثمانٍ في ثمانٍ، و: اثْنَيْ عَشَر في اثْنَيْ عَشَر.

وفي «الهداية» وغيرها: تُعتَبَرُ بذراعِ الكِرْباسِ (٣) توسعةً على الناس، وهو سَبْعُ مُشْتات (٤) ، ليس فوق كل مُشْت إِصْبَعٌ قائمة. وفي «الخانيَّة»: يُعتَبَرُ ذراعُ المَساحة، لأنه أليَقُ بالممسوحات، وهو سَبْعُ مُشْتات، فوقَ


(١) المَدُّ: السّيل. القاموس المحيط، ص ٤٠٦، مادة (مد).
(٢) في المخطوطة: "نَعْنِي" بدل "مَعْنيّ".
(٣) الكِرباس: ثوب من القطن الأبيض. القاموس المحيط ص ٧٣، مادة (الكرباس). والمراد هنا ذراع القُمَاش، لا ذراع المساحة.
(٤) المُشْت: قبضة الأصابع الأربع مضمومة. وهي لفظة فارسية. انظر الجزء الذي حققه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى من فتح باب العناية ١/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>