للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأحْسَنُهُ طَلْقَةٌ فَقَطْ في طُهْرٍ لا وَطْء فيِهِ، وحَسَنُهُ وَهُوَ السُنِّيّ طَلْقَة لَغَيْرِ المَدْخُول بِهَا وَلَوْ في حَيضٍ

===

لو قال: أجزت ذلك الطَّلاق أي لعدم ثبوته في حقيقة الحال، وإنما هو في عالم الخيال، بخلاف طلاق الفُضُوليّ (١) . ولو قال: أوقعت ذلك الطَّلاق يقع، أي بإيقاعه يقظةً لا بطلاقه مناماً. ولو قال: أوقعت ما تَلَفَّظْتُ به حالة النوم لا يقع، أي لعدم تلفُّظه حقيقةً.

(وأحْسَنُهُ) أي أحسن أنواع الطّلاق (طَلْقَةٌ فَقَطْ) أي واحدةٌ (في طُهْرٍ لَا وَطْءَ فيِهِ) أو في حملٍ استبان. قال محمد (في «الأصل»): (٢) بلغنا عن إبرهيم النَّخَعِيّ، عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطَّلاق على واحدةٍ حتّى تنقضي العدَّة، وإنّ هذا أفضل عندهم من أن يطلِّق الرَّجل ثلاثاً، عند كل طهرٍ واحدةٌ، ولأنه أبعد من النَّدامة حيث أبقى لنفسه مُكْنَةَ (٣) التَّدارك بالمراجعة في العدّة، وبتجديد النّكاح من غير تحلل بزوج آخر.

فإن قيل: كيف يكون الطَّلاق حسناً فضلاً عن أن يكون أحسن، وقد روى أبو داود، عن ابن عمر: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطَّلاق»؟ أُجيب: بأن الحُسْنَ في بعض أنواع الطَّلاق إنَّما هو بالنسبة إلى البعض الآخر، وذلك لا ينافي كون الطَّلاق نفسه مبغضاً.

فإن قيل: هذا الحديث مُشْكِلٌ لأنّ كون الطّلاق مبغضاً إلى الله منافٍ لكونه حلالاً، إذ كونه مبعضاً يقتضي رجحان تركه على فعله، بل يوجب وجوب تركه، وكونه حلالاً يقتضي مساواة تركه لفعله. أُجِيبَ: بأنّ المراد بالحلال هنا ليس ما استوى فعله وتركه، بل ما ليس تركه بلازمٍ، الشامل للمباح والواجب والمندوب والمكروه. والأظهر أن يُقَال: الطَّلاق حلالٌ في ذاته، وإنّما يبغضه لِمَا يترتب عليه من انجراره إلى المعصية للزَّوجين، أو يقال: أبغض الحلال عند الحاجة الطَّلاق من غيرضرورة.

(وحَسَنُهُ وَهُوَ) المعروف بأنه (السُّنِّيّ) فالأحسن أولى بأن يكون سُنِّيًّا (طَلْقَةٌ) حال كون الطلاق (لَغَيْرِ المَدْخُولِ بِهَا (٤) وَلَوْ في حَيْضٍ) وقال زُفَر: يكره طلاقها في


(١) الفُضُوليّ: من لم يكن وليًّا ولا وصيًّا ولا أصيلًا ولا وكيلًا. المعجم الوسيط ص (٦٩٣)، مادة (فضل).
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) المُكْنَةُ: القدرة والاستطاعة. المعجم الوسيط ص ٨٨٢، مادة (مكن).
(٤) في المخطوط: الموطوءة، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>