للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِلْمَوْطوءَةِ تَفْرِيقُ الثَّلاثِ في أطْهَارٍ لا وَطْءَ فِيهَا فِيمَنْ تَحِيضُ، وأشْهُر في الصَّغِيرَةِ وَالآيِسَة وَالحَامِلِ وَلَوْ بَعْدَ الوَطْءِ. وبِدْعِيّة وَاحِدَةٌ في طُهْرٍ وُطِئَتْ فِيهِ، أوْ حيضِ مَوْطُوءةٍ

===

الحيض كالمدخول بها. وعلماؤنا والشافعيّ لم يحصروا الطَّلاق السُّنِّيّ في الطَّلقة الواحدة، وحصره مالك فيها. ولذا قال: (وَ) حَسَنُهُ حال كونه (لِلْمَوْطُوءَةِ تَفْرِيقُ الثَّلاثِ) طلقاتٍ (في أطْهَارٍ لَا وَطْءَ فِيهَا فِيمَنْ تَحِيضُ)، قيل: يؤخِّر الطَّلقة الأولى إلى آخر الطهر كيلا تتضرر المرأة بتطويل العدّة. وقيل: يطلِّقها عَقِيبَ الطهر كيلا يبتلى بالإيقاع عَقِيبَ الوِّقاع.

(وأشْهُرٍ) عطف على أطهار، أي وتفريق الثلاث في أشهر (في الصَّغِيرَةِ)، (وَ) كذا في (الآيِسَة) (١) لإقامة الشَّهر مقام الحيض في حكم عدّتهما، (وَ) في (الحَامِلِ) لأنها لا تحيض فكانت كالصّغيرة والآيِسَة في حقّ إيقاع الطّلاق ابتداءً، وفي حق تفريقه. (وَلَوْ بَعْدَ الوَطْءِ) فيهنّ (٢) ، لأنّ كراهة طلاق ذوات الحيض في الطُّهر بعد الوطء لتوهم الحبل واشتباه العدّة، وهذا غير موجود هنا. وقال محمّد وزُفَر: لا تطلَّق الحامل للسُّنَّة إلاّ واحدةً، لأن الشهر في حقّها ليس من فصول العدّة، فصار كالممتد طهرها.

(وبِدْعِيُّه) أي بِدْعِيُّ الطَّلاق (وَاحِدَةٌ في طُهْرٍ وُطِئَتْ فِيهِ أوْ) في (حيْضِ مَوْطُوءةٍ) أي مدخولٍ بها. لأنّ المبيح للطّلاق هو الحاجة إلى التَّخلص عن النِّكاح، فإن وُجِدَ دليل الحاجة لا يكره ويكون سُنِّيًّا، وإن لم يوجد دليلها كره ويكون بِدْعِيًّا. ورغبة الرّجل في المرأة تقلُّ بعد وطئها وفي حيضها، فإذا طلَّقها بعد الوطء، أو في الحيض، لم يوجد دليل الحاجة إلى طلاقها، لاحتمال أن يكون ذلك لنفرته عنها لا للحاجة للتخلص عن نكاحها. قيَّد بالموطوءة لأن غيرها يطلّق للسُّنَّة في حالة الحيض كما تقدم.

وحاصله: أنَّا مع مالك نجعل الطَّلاق الثّلاث بلفظٍ واحدٍ أو بألفاظٍ في طُهرٍ واحدٍ، وكذا الثنتين في طهرٍ واحدٍ أو بكلمةٍ بِدْعِيًّا، كطلاق الموطوءة حائضاً، فإنه بِدْعِيٌّ اتفاقاً لِمَا روينا. وقال الشافعيّ: ليس في الجمع بكلمةٍ ولا في التَّفريق سنّةٌ، لأنّ


(١) الآيِسَة: هي التي بلغت سن اليأس، وهو السن التي ينقطع فيها الحيض عن المرأة فتعقم. المعجم الوسيط ص ١٠٦٢، مادة (يئس).
(٢) أي الأشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>