للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطَلاقُ الحُرَّةِ ثَلاثَةٌ والأمةِ ثِنْتَانِ، وَلَوْ زَوْجُهُمَا خِلافَهُمَا،

===

قال الطحاوي: أكثر الروايات عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر.

ووجه ما في «الأصل» ما في الكتب الستة، عن ابن عمر: أنه طلَّق امرأته وهي حائض، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مُرْهُ فليُرَاجِعْها ثم ليُمْسِكْهَا حتى تَطْهُر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أنْ يطلقها فليطلِّقها طاهراً قبل أن يَمَسَّها، فتلك العدّة التي أمر الله». أي في قوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (١) .

وفي لفظ في «الصحيحين» قال: طَلَّقتُ امرأتي وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مُره فَلْيُرَاجِعْها حتى تحيض حيضة مُسْتَقْبَلَةً سوى حيضتها التي طلّقها فيها، فإن بدا له أن يطلَّقَها طاهراً من حيضها قبل أن يَمَسَّها، فذلك الطَّلاق للعدّة كما أمر الله».

(وطَلَاقُ الحُرَّةِ ثَلَاثَةٌ والأمةِ ثِنْتَانِ، وَلَوْ) كان (زَوْجُهُمَا خِلَافَهُمَا) بأن كان زوج الحرّة عبدًا، وزوج الأمة حراً، فعندنا يُعْتَبَرُ عدد الطَّلاق بالنِّساء، وهو قول الثَّوْرِيّ وأحمد وإسحاق، وهو مروي عن عليّ ابن مسعود (٢) . وعند مالك والشافعيّ بالرِّجال لِمَا روى مالك في «الموطأ»، والشافعيّ في «مسنده» عنه عن أبي الزِّناد، عن سليمان بن يَسَار، أنَّ نُفَيعاً مُكَاتباً كان لأمِّ سَلَمَة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أو عبداً ـ أي غير مُكَاتَب ـ كانت تحته امرأةٌ حرّةٌ فطلَّقها ثنتين، ثم أراد أن يُرَاجِعَها، فأمره أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يأتي عثمان بن عفَّان فيسأله عن ذلك، فلقيه عند الدَّرَج (٣) آخذاً بيد زيد بن ثابت، فسألهما فابتدراه جميعاً فقالا: حَرُمَتْ عليك، حَرُمَتْ عليك.

وروى عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» عن عثمان، وزيد بن ثابت، وابن عباس أنهم قالوا: الطَّلاق بالرِّجال، والعِدَّة بالنِّساء. وقد يُؤَوَّل على تقدير ثبوته مرفوعاً أن إيقاعه بالرِّجال دون عدده. وأمَّا ما ذكره صاحب «الهداية» من قوله صلى الله عليه وسلم «الطلاق بالرِّجال، والعدَّة بالنِّساء». فرفعه غير معروف.

ولنا إطلاق ما روى أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «طلاق الأمة تطليقتان وعدّتها حيضتان». وفي رواية: «قرآن» (٤) . ورواه


(١) سورة الطلاق، الآية: (١).
(٢) وفي المطبوع: ابن عباس، والصواب ما أثبتناه من المخطوط، و"فتح القدير" ٣/ ٣٤٨.
(٣) الدَّرج: موضع بالمدينة. هامش "الموطأ" ٢/ ٥٧٤.
(٤) تثنية قُرْء.

<<  <  ج: ص:  >  >>