للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَقَعُ عِنْدَ الفَجْرِ في: أنْتِ طَالِقٌ غَدًا، أوْ في غَدٍ. ولا تَصِحُّ نِيَّةُ العَصرِ في الثَّانِي فَقَطْ، ويَقَعُ الآنَ في: أَنْتِ طَالِقٌ أمْسِ. وإنْ نَكَحَ بَعْدَهُ فَلَغْوٌ،

===

(وَيَقَعُ) الطّلاق (عِنْدَ الفَجْرِ في: أنْتِ طَالِقٌ غَداً أوْ في غَدٍ) لأنه وصفها بالطّلاق بالغد، فيقع في أول جزءٍ منه، وهو طلوع الفجر من اليوم الثَّاني، وهو قول الشافعيّ. وقال مالك: يقع في الحال اعتباراً له بإضافته إلى المكان. قلنا: اعتباره بالشرط أولى لكونه معدوماً في الحال، ويوجد في المآل.

(ولا تَصِحُّ) عند أبي حنيفة (نِيَّةُ العَصْرِ) مثلاً (في الثَّانِي فَقَطْ) وعندهما: لا تصحّ في الثّاني كما لا تصح في الأوَّل، وهذا في القضاء. وأمّا في الديانة فتصحّ نيّة العصر في المسألتين عند الجميع. ولأبي حنيفة أنّ غداً يقتضي الاستيعاب نحو: لأصُومَنّ عمري ودهري، وسرت فَرْسَخاً (١) وانتظرت يوماً، فإذا نوى البعض كان مجازاً، فلا يُصَدَّق قضاءً إذا كان فيه تخفيف له، وفي غدٍ لا يقتضي الاستيعاب نحو: لأصومنّ في عمري وفي دهري، وسرت في فَرْسَخ، وانتظرت في يومٍ. وإنما وقع الطَّلاق في الجزء الأوّل لضرورة عدم المُزَاحِم، فإذا عُيِّنَ آخر النّهار كان التعيين القصديّ أولى من الضروريّ.

وفي «الأصل»: ولو قال: أنتِ طالقٌ في رمضان، تطلق حين تغيب الشمس من آخر يوم من شعبان، لأنه حينئذٍ يوجد الجزء الأوَّل من رمضان. ولو نوى آخر رمضان، فهو على الخلاف المتقدِّم.

(ويَقَعُ) الطّلاق (الآنَ) أي في الحال (في: أَنْتِ طَالِقٌ أمْسِ) إن نكح فيه أو قبله، لأنه أضاف الطَّلاق في الحال مستنداً إلى أمس، وهو يملك الطّلاق في الحال، ولا يملك الاستناد إلى أمس، فيقع ما يملكه، ويلغو ما لا يملكه. (وإنْ نَكَحَ بَعْدَهُ) أي بعد أمس (فَلَغْوٌ) لأنه أسند الطّلاق إلى زمانٍ لا يملك فيه إيقاعه، فلا يقع. كما لو قال: أنتِ طالقٌ قبل أنْ أتزوّجك، أو قبل أن تولدي، أو وأنا صبيٌّ، أو نائمٌ.

وفي «الجامع الكبير»: ولو قال: أنتِ طَالِقٌ قبل أنّ أتزوّجك إذا تزوّجتك، أو أنتِ طالقٌ إذا تزوّجتك قبل أن أتزوّجك، يقع الطّلاق عند وجود التزوّج بالاتفاق. ولو قال: إذا تزوّجتك فأنتِ طالقٌ قبل أنْ أتزوّجك، لا يقع الطّلاق عند أبي حنيفة ومحمد، ويقع عند أبي يوسف، لأن الطّلاق إذا أُضِيفَ إلى وقتين أحدهما يقبله والآخر


(١) الفَرْسَخُ: مقياس من مقاييس المسافات، مقداره ثلاثة أميال= ١٢٠٠٠ ذراع= ٥٥٤٤ مترًا "معجم لغة الفقهاء" ص ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>