للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقع آخر العُمُرِ في: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ، ويَقَعُ حَالًا في: مَتَى لَمْ أُطَلِّقْكِ وسَكَتَ.

===

لا يقبله، (صحّ ما يقبله) (١) وبطل ما لا يقبله. ولهما: أنّ ذكر الفاء رجَّح جهة الشرطية، والمعلّق بالشرط كالمنجز عند وجوده، فصار كأنه قال: عند التزوّج أنتِ طالقٌ قبل أن أتزوّجك، فلا يقع.

(ويَقَعُ) الطّلاق (آخِرَ العُمُرِ) أي في آخر عمر الزّوج أو الزّوجة بأن يبقى منه ما لا يسع صيغة التطليق (في: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ) لأنّه جعل الشّرط عدم الطّلاق، وهو لا يتحقق إلا باليأس من الحياة، ثم إن مات الزّوج لها الميراث إن كان مدخولاً بها، رجعياً كان الطّلاق أو بائناً، ولا ميراث لها إن كانت غير مدخول بها. وهي مسألة الفارِّ. وإن ماتت هي لا يرثها الزّوج إن كان قبل الدّخول أَوْ كان ثلاثاً.

(ويَقَعُ) الطّلاق (حَالاً في:) أنتِ طالقٌ (مَتَى لَمْ أُطَلِّقْكِ) أو متى ما لم أطلِّقك (وسَكَتَ)، لأنّه أضاف الطّلاق إلى زمانٍ خالٍ عن التطليق، وقد وُجْدَ. وكذا يقع حالاً في: أنْتِ طَالِقٌ ما لم أطلّقك، لأن كلمة «ما» تكون للوقت كقوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام {مَا دُمْتُ حَيًّا} (٢) والشّرط كقوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكُ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} (٣) وهي هنا للوقت، لأن التطليق لا بد له من الوقت.

ولو قال: حين لم أطلِّقك أو زمان لم أطلِّقك، أو حيث لم أطلقَك، ولا نيّة له وسكت، يقع حالاً. ولو قال: زمان لا أطلّقك، أو حين لا أطلّقك لم تطلق حتى يمضي ستة أشهر. لأن كلمة «لم» لقلب المضارع إلى الماضي ونفيه، فإذا سكت وُجِدَ زمانٌ لم يطلّقها فيه. وكلمة «حيث» اسم للمكان، وكم من مكانٍ لم يطلقها فيه فوُجِدَ الشرط. وكلمة «لا» للاستقبال، فلا تقع للحال.

وإنّما قدّرنا بستة أشهرٍ لأنّه أوسط استعمال الحين، لأنه استعمل في الساعة، كقوله تعالى: {حِينَ تُمْسُونَ} (٤) ، وفي ستةِ أشهرٍ كقوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حينٍ} (٥) ، وفي أَربعين سنة، كقوله تعالى: {حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} (٦) فيما رُويَ عن ابن


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) سورة مريم، الآية: (٣١).
(٣) سورة فاطر، الآية: (٢).
(٤) سورة الروم، الآية: (١٧).
(٥) سورة إبراهيم، الآية: (٢٥).
(٦) سورة الإنسان، الآية: (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>