للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي نحوِ دجاجةٍ أربعون إِلى سِتِّين، وفي نحوِ عُصْفُورٍ نصفُ ذلك. دَلْوًا وَسَطًا، وغَيرُ الوَسَطِ احتُسِبَ به.

===

(وفي نحوِ دجاجةٍ) كهِرَّةٍ وحمامة وما أشبهَهَما في الجُثَّةِ ولم يَنتفخ نُزِحَ (أربعون) دَلْواً بطريق الوجوب، لِمَا روى الطحاويُّ عن الشَّعْبيّ في الطَّيْرِ والسِّنَّوْرِ (١) ونحوِهما يقَعُ في البِئرِ قال: يُنزَحُ منها أربعون دَلْواً. وعن النَّخَعِيّ في السِّنَّوْرِ: مثلُه. وعنهما: يُنزَحُ منها سبعون. وعن حمَّاد بن أبي سُليمان في دجاجةٍ وقعَتْ في البئر نُزح منها قَدْرُ أربعين أو خمسين ثم يُتوضَّأُ منها، وهو المذكور في «الجامع الصغير». وروى ابنُ أبي شيبة عن عطاءٍ كما روى الطحاويُّ عن حَمَّاد (إِلى سِتِّين) استحباباً، لِمَا رُويَ عن الأَوَّلَينِ. وقيل: إلى خمسين لِمَا رُوِيَ عن عطاءٍ وحمَّاد.

(وفي نحوِ عُصْفُورٍ) بضمَّتَينِ كفأْرةٍ وسامَ أَبْرَص ونحوِهما في الجُثَّةِ (نِصفُ ذلك) أي عِشرون دَلْواً وجوباً إلى ثلاثين استحباباً، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم في فأرةٍ ماتَتْ في بِئْرٍ وأُخْرِجتْ مِنْ ساعتِها نُزِحَ عِشرون دَلْواً. ذكَرَه في «الهداية» وغيرِها، لكن في كتب الحديثِ لم أرَه.

وأمَّا ما رواه الطحاويّ مِنْ قولِ عليّ كرَّمَ الله وجهَهُ في بئرٍ وقَعَتْ فيها فأرةٌ فماتَتْ: يُنزَحُ ماؤها، وقولِهِ: إذا سَقَطت الفأرةُ أو الدَّابَّةُ في البِئرِ فانْزَحْهَا حتى يَغلِبَك ماؤُها: فمحمولٌ على الفأرةِ المنتفِخَةِ والدَّابَّةِ الكبيرةِ أو الصَّغِيرةِ التي على بَدَنِها نجاسةٌ، توفيقاً بين الآثار.

(دَلْواً وَسَطاً) بفتحتين أي متوسِّطاً، وهو ما كَثُرَ استعمالُه في تِلك البئر (٢) ، لإِطلاقِ السَّلَفِ فيُصرَفُ إلى المُعتَاد. وقيل: ما يُستعمَلُ في ذلك البَلدِ وغيرِه (وغَيْرُ الوَسَطِ احتُسِبَ به) أي بالوَسَط، يَعني إذا نُزِحُ بدلْوٍ غيرِ وَسَطٍ نُزِحَ به على حسابِ الدلوِ الوسَطِ، حتى لو نُزِحَ بدلوٍ عظيمٍ يسعُ عشرين دلواً وسطاً مِنْ بئرٍ وجَبَ فيها ذلك، اكتُفِيَ بدلوٍ واحدٍ خلافاً لزفر.

واعلم أنَّ مسائلَ الآبار مبنيَّةٌ على اتّباعِ الآثار، لأنَّ القياسَ إمَّا عدَمُ تطهُّرِها لعدَمِ تطهُّرِ الجُدْرانِ والطِّينِ كما قاله بِشْر (٣) ، وإما عدَمُ تنجُّسِها كما نُقِلَ عن


(١) السِّنَّوْر: الهر. لسان العرب ٤/ ٣٨١، مادة (سنر).
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "ذلك" بدل "تلك". والمثبت من نسخة "فتح باب العناية" ١/ ١٣٦ التي حققها الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى.
(٣) هو بِشر بن غياث المَرِيسي، أخذ الفقه عن الإمام أبي يوسف، إلا أنه اشتغل بالكلام والفلسفة، وحكي عنه في ذلك أقوال منكرة، فأعرض عنه أبو يوسف، مات سنة ٢٢٨ هـ. أفاده الشيخ عبد الفتاح رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>