للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقَسَمُ بالله أو باسم من أسمائه: كالرحمنِ، والرحيمِ، والحقِّ، أو بصفةٍ يُحلفُ بها من صفاته: كعِزَّةِ الله، وجلاله، وكبريائه، وعظمته، وقدرته، لا بغير الله كالنبي، والقرآن، والكعبة، ولا بِصِفَةٍ لا يُحلف بها عرفًا كرحمتِهِ، وعلمه، ورضائه، وغضبه، وسخطه، وعذابه.

===

وصححه الحاكم بلفظ: «النكاح والطلاق والرجعة». وقد رواه ابن عَدِي فقال: «الطلاق والنكاح والعتَاق».

(والقَسَمُ بالله) أي ثابت بهذا اللفظ الشريف (أو باسم من أسمائه) المنيفة (كالرحمن، والرحيم، والحق) والخالق، والذي لا إله إلا هو رب السماوات والأرض ورب العالمين، سواء تعارف الناس الحَلِفَ به أو لم يتعارفوا (أو بصفة يُحلف بها) عرفاً (من صفاته: كعزة الله، وجلاله وكبريائه، وعظمته، وقدرته) المراد بالاسم هنا اللفظ الدال على الذات مع صفة، وبالصفة اللفظ الدال على الصفة دون الذات.

(لا بغير الله) أي لا يصح القَسَمُ بغير الله (كالنبي، والقرآن، والكعبة) لحديث ابن عمر المتفق عليه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا إنَّ الله تعالى نَهَاكم أن تحلِفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فلْيَحْلِف بالله أو ليصْمُت». وأما ما في «الهداية» من قوله عليه الصلاة والسلام: «من كان منكم حالفاً فليحلفْ بالله أو ليذرْ» فغير معروف بهذا اللفظ. ولعل نَهْيَه مأخوذ من قوله تعالى: {فلا تجعلوا أنداداً} (١) ، وقد ورد: «مَنْ حَلفَ فليَحْلِف برب الكعبة». رواه أحمد والبيهقي.

(ولا بصفة لا يُحلف بها عرفاً كرحمتِهِ، وعلمه، ورضائه، وغضبه، وسخطه، وعذابه) وهو اختيار مشايخ ما وراء النهر، وهو الأصح. لأن مبنى الأيمان على عُرْفِ أهل الزمان. والحَلِفُ بها غير متعارف، ولأن الرحمةَ قد يراد بها أثرها وهو الجنة، قال الله تعالى: {ففي رحمةِ اهم فيها خالدون} (٢) . والغضب والسَّخط يراد بهما النار، فيكون حالفاً بغير الله.

وقال مالك: لا ينعقد اليمينُ بصفات الفعل، وبه قال أحمد في رواية، لأن اليمينَ ينعقد لحُرْمة اسم الله تعالى، ومع الاشتراك لا حرمة له. وفي «المبسوط»: قال مشايخنا العراقيون: الحَلِفُ بصفاتِ الذات كالقدرة، والعظمة، والعزة، والجلال، والكبرياء يمين،


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٢).
(٢) سورة آل عمران، الآية: (١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>