الصالح علي ابن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي، ثم خربت فأنسأتها خوند أم الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن فلاوون، وجعلت منها قيسارية «١» بخط الركن المخلق يباع بها الجلود ويعلوها ربع جليل لسكن العامّة يشتمل على عدّة طباق، ووقفت ذلك على مدرستها بخط التبانة خارج باب زويلة، فلم تزل جارية في وقفها إلى أن اغتصبها الوزير الأمير جمال الدين يوسف الأستادار فيما أخذ من الأوقاف، وجعلها وقفا على مدرسته بخط رحبة باب العيد من القاهرة، وجعلت خوند بركة من جملة هذه الدار قاعة لم يعمر فيها سوى بوابتها لا غير، وهي أهلّ بوّابات الدور، وقد دخلت أيضا فيما أخذه جمال الدين وصارت بيد مباشري مدرسته إلى أن أخذها السلطان الملك الأشرف أبو العزيز برسباي الدقماقي الظاهريّ، وابتدأ بعملها وكالة في شوّال سنة خمس وعشرين وثمانمائة، فكملت في رجب سنة ست وعشرين، وغيّر من الطراز المنقوش في الحجارة بجانبي باب الدخول، اسم شعبان بن حسين، وكتب برسباي، فجاءت من أحسن المباني ويعلوها طباق للسكنى، ولم يسخر في عمارتها أحد من الناس كما أحدثه ولاة السوء في عمائرهم، بل كان العمال من البنايين والفعلة ونحوهم يوفون أجورهم من غير عنف ولا عسف، فإنه كان القائم على عمارتها القاضي زين الدين عبد الباسط بن خليل ناظر الجيش، وهذه عادته في أعماله أن لا يكلف فيها العمال غير طاقتهم، ويدفع إليهم أجورهم والله أعلم.
[ذكر الحمامات]
قال ابن سيده: الحمّام والحميم والحميمة جميعا الماء الحار، والحميمة أيضا المخض إذا سخن، وقد أحمّه وحمّه، وكلّما سخن فقد حمّ. قال ابن الأعرابي: والحمائم جمع الحميم الذي هو الماء الجار، وهذا خطأ، لأن فعيلا لا يجمع على فعائل، وإنما هو جمع الحميمة الذي هو الماء الحار لغة في الحميم مذكر، وهو أحد ما جاء من الأسماء على فعال، نحو القذاف والجبان والجمع حمّامات.
قال سيبويه: جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكرا، حيث لم يكسر جعلوا ذلك عوضا من التكسير. والاستحمام الاغتسال بالماء الحار، وقيل هو الاغتسال بأيّ ماء كان، والحميم العرق، واستحمّ الرجل عرق. وأمّا قولهم لداخل الحمام إذا خرج طاب حميمك، فقد يعني به العرق، أي طاب عرقك، وإذا دعي له بطبيب العرق، فقد دعي له بالصحة، لأنّ الصحيح يطيب عرقه.
وروي عن سفيان الثوري أنه قال: ما درهم ينفقه المؤمن هو فيه أعظم أجرا من درهم صاحب حمّام ليخليه له، وقال محمد بن إسحاق في كتاب المبتدىء: إنّ أوّل من اتخذ