هذا المسجد بخط الكافوريّ مما يلي باب القنطرة وجهة الخليج مجاور لدار ابن الشيخي، أنشأه المهتار ناصر الدين محمد بن علاء الدين عليّ الشيخيّ مهتار السلطان بالإصطبلات السلطانية، وقرّر فيه شيخنا تقيّ الدين محمد بن حاتم، فكان يعمل فيه ميعادا يجتمع الناس فيه لسماع وعظه، وكان ابن الشيخي هذا حشما فخورا خيّرا يحب أهل العلم والصلاح، ويكرمهم. ولم نر بعده في رتبته مثله، ومات ليلة الثلاثاء أوّل يوم من شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.
[مسجد يانس]
هذا المسجد كان تجاه باب سعادة خارج القاهرة. قال ابن المأمون في تاريخه: وكان الأجلّ المأمون يعني الوزير محمد بن فاتك البطائحيّ، قد ضم إليه عدّة من مماليك الأفضل بن أمير الجيوش، من جملتهم يانس، وجعله مقدّما على صبيان جلسه، وسلّم إليه بيت ماله، وميزه في رسومه. فلما رأى المذكور في ليلة النصف من شهر رجب، يعني سنة ست عشرة وخمسمائة، ما عمل في المسجد المستجدّ قبالة باب الخوخة من الهمة ووفور الصدقات وملازمة الصلوات، وما حصل فيه من المثوبات، كتب رقعة يسأل فيها أن يفسح له في بناء مسجد بظاهر باب سعادة، فلم يجبه المأمون إلى ذلك وقال له: ما ثم مانع من عمارة المساجد، وأرض الله واسعة، وإنما هذا الساحل فيه معونة للمسلمين وموردة للسقائين، وهو مرسى مراكب الغلة، والمضرّة في مضايقة المسلمين فيه منه، ولو لم يكن المسجد المستجدّ قبالة باب الخوخة محرسا لما استجدّ، حتى إنّا لم نخرج بساحته الأولى، فإن أردت أن تبني قبليّ مسجد الريفي أو على شاطيء الخليج فالطريق ثم سهلة. فقبّل الأرض وامتثل الأمر، فلما قبض على المأمون وأمّرّ الخليفة يانس المذكور ولم يزل ينقله إلى أن استخدمه في حجبة بابه، سأله في مثل ذلك فلم يجبه، إلى أن أخذ الوزارة فبناه في المكان المذكور. وكانت مدّته يسيرة، فتوفي قبل إتمامه وإكماله، فكمله أولاده بعد وفاته.
انتهى. وقد تقدّم خبر وزارة أبي الفتح ناظر الجيوش يانس الأرمنيّ هذا عند ذكر الحارة اليانسية من هذا الكتاب.
[مسجد باب الخوخة]
هذا المسجد تجاه باب الخوخة بجوار مدرسة أبي غالب. قال ابن المأمون في تاريخه من حوادث سنة ست عشرة وخمسمائة: ولما سكن المأمون الأجلّ دار الذهب وما معها، يعني في أيام النيل للنزهة عند سكن الخليفة الآمر بأحكام الله بقصر اللؤلؤة المطل على الخليج، رأى قبالة باب الخوخة محرسا، فاستدعى وكيله وأمره بأن يزيل المحرس المذكور