شيخ، ويحضرون في كل يوم وظيفة التصوّف، ولهم الطعام والخبز، وكان بجانبها حوض ماء لشرب الدواب، وسقّاية بها الماء العذب لشرب الناس، وكتّاب يقرأ فيه أطفال المسلمين الأيتام كتاب الله تعالى، ويتعلمون الخط، ولهم في كلّ يوم الخبز وغيره، وما برحت على ذلك إلى أن أخرج الأمير برقوق أوقافها، فتعطلت وأقام بها جماعة من الناس مدّة ثم تلاشى أمرها، وهي الآن باقية من غير أن يكون فيها سكان، وقد تعطل حوضها وبطل مكتب السبيل.
الجيبغا المظفريّ: الخاصكي، تقدّم في أيام الملك المظفر حاجي بن الملك الناصر محمد بن قلاون، تقدّما كثيرا، بحيث لم يشاركه أحد في رتبته. فلما قام الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاون في السلطنة أقرّه على رتبته، وصار أحد أمراء المشورة الذين يصدر عنهم الأمر والنهي، فلما اختلف أمراء الدولة أخرج إلى دمشق في ربيع الأوّل سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وأقام بدمشق إلى شعبان، وسار إلى نيابة طرابلس عوضا عن الأمير بدر الدين مسعود بن الخطيريّ، فلم يزل على نيابتها إلى شهر ربيع الأوّل سنة خمسين وسبعمائة، فكتب إلى الأمير أرغون شاه نائب دمشق يستأذنه في التصيد إلى الناعم «١» ، فأذن له وسار من طرابلس وأقام على بحيرة حمص أياما يتصيد، ثم ركب ليلا بمن معه وساق إلى خان لاجين ظاهر دمشق، فوصله أوّل النهار وأقام به يومه، ثم ركب منه بمن معه ليلا وطرق أرغون شاه وهو بالقصر الأبلق، وقبض عليه وقيده في ليلة الخميس ثالث عشري شهر ربيع الأوّل، وأصبح وهو بسوق الخيل، فاستدعى الأمراء وأخرج لهم كتاب السلطان بإمساك أرغون شاه، فأذعنوا له واستولى على أموال أرغون شاه. فلما كان يوم الجمعة رابع عشريه، أصبح أرغون شاه مذبوحا، فأشاع الجيبغا أن أرغون شاه ذبح نفسه، وفي يوم الثلاثاء أنكر الأمراء أمره وثاروا لحربه، فركب وقاتلهم وانتصر عليهم وقتل جماعة منهم وأخذ الأموال وخرج من دمشق وسار إلى طرابلس، فأقام بها، وورد الخبر من مصر إلى دمشق بإنكار كل ما وقع والاجتهاد في مسك الجيبغا، فخرجت عساكر الشام إليه ففرّ من طرابلس، فأدركه عسكر طرابلس عند بيروت وحاربوه حتى قبضوا عليه، وحمل إلى عسكر دمشق فقيد وسجن بقلعة دمشق في ليلة السبت سادس عشر ربيع الآخر، هو وفخر الدين إياس، ثم وسط بمرسوم السلطان تحت قلعة دمشق بحضور عساكر دمشق، ووسط معه الأمير فخر الدين إياس وعلقا على الخشب، في ثامن عشر ربيع الآخر سنة خمسين وسبعمائة، وعمره دون العشرين سنة، فما طرّ «٢» شاربه وكأنه البدر حسنا والغصن اعتدالا.
[خانقاه سرياقوس]
هذه الخانقاه خارج القاهرة من شماليها على نحو بريد منها، بأوّل تيه بني إسرائيل