يوما، وذا الحجة تسعة وعشرين يوما، وزادوا من أجل كسر اليوم الذي هو خمس وسدس يوما في ذي الحجة إذا صار هذا الكسر أكثر من نصف يوم، فيكون شهر ذي الحجة في تلك السنة ثلاثين يوما، ويسمون تلك السنة كبيسة، ويصير عددها ثلثمائة وخمسة وخمسين يوما، ويجتمع في كل ثلاثين من الكبس أحد عشر يوما، والله أعلم.
وأما تاريخ الفرس، ويعرف أيضا بتاريخ يزدجرد، فإنه من ابتداء تملك يزدجرد بن شهربار بن كسرى أبرويز، أرخ به الفرس من أجل أن يزدجرد قام في المملكة بعد ما تبدّد ملك فارس، واستولى عليه النساء، والمتغلبون، وهو أيضا آخر ملوك فارس، وبقتله تمزق ملكهم، وأوّل هذا التاريخ يوم الثلاثاء، وبينه وبين تاريخ الهجرة تسع سنين، وثلثمائة وثمانية وثلاثون يوما، وأيام سنة هذا التاريخ تنقص عن السنة الشمسية ربع يوم، فيكون في كل مائة وعشرين سنة شهرا واحدا، ولهم في كبس السنة آراء ليس هذا موضع إيرادها، وعلى هذا التاريخ يعتمد في زمننا أهل العراق وبلاد العجم، ولله عاقبة الأمور.
[ذكر فسطاط مصر]
قال الجوهريّ: الفسطاط بيت من شعر، قال: ومنه فسطاط مدينة مصر، إعلم: أن فسطاط مصر اختط في الإسلام بعد ما فتحت أرض مصر، وصارت دار إسلام، وقد كانت بيد الروم، والقبط وهم نصارى ملكانية، ويعقوبية وميانية، وحين اختط المسلمون الفسطاط انتقل كرسيّ المملكة من مدينة الإسكندرية بعد ما كانت منزل الملك، ودار الإمارة زيادة على تسعمائة سنة، وصار من حينئذ الفسطاط دار إمارة ينزل به أمراء مصر، فلم يزل على ذلك حتى بنى العسكر بظاهر الفسطاط، فنزل فيه أمراء مصر، وسكنوه، وربما سكن بعضهم الفسطاط، فلما أنشأ الأمير أبو العباس أحمد بن طولون القطائع بجانب العسكر سكن فيها، واتخذها الأمراء من بعده منزلا إلى أن انقرضت دولة بني طولون، فصار أمراء مصر من بعد ذلك ينزلون بالعسكر خارج الفسطاط، وما زالوا على ذلك حتى قدمت عساكر الإمام المعز لدين الله أبي تميم معدّ الفاطميّ مع كاتبه جوهر القائد، فبنى القاهرة، وصارت خلافة، واستمرّ سكنى الرعية بالفسطاط، وبلغ من وفور العمارة، وكثرة الخلائق، ما أربى على عامّة مدن المعمور حاشا بغداد، وما زال على ذلك، حتى تغلب الفرنج على سواحل البلاد الشامية، ونزل مخري ملك الفرنج بجموعه الكثيرة على بركة الحبش «١» يريد الاستيلاء على مملكة مصر، وأخذ الفسطاط والقاهرة، فعجز الوزير شاور «٢» ابن مجير السعديّ عن حفظ