الحسينية وغلات أهلها وسائر أمتعتهم، حتى أتلفت شيئا كثيرا، وقويت حتى صارت تأكل الجدران، فبادر أهل تلك الجهة إلى هدم ما قد بقي من الدور، خوفا عليها من الأرضة شيئا بعد شيء حتى قاربوا باب الفتوح وباب النصر، وقد بقي منها اليوم قليل من كثير يخاف إن استمرّت أحوال الإقليم على ما هي عليه من الفساد أن تدثر وتمحى آثارها، كما دثر سواها، ولله در القائل:
والله إن لم يداركها وقد رحلت ... بلمحة أو بلطف من لديه خفي
ولم يجد بتلافيها على عجل ... ما أمرها صائر إلّا إلى تلف
حارة حلب: هذه الحارة خارج باب زويلة، تعرف اليوم بزقاق حلب، وكانت قديما من جملة مساكن الأجناد. قال ياقوت في باب حلب: الأوّل حلب المدينة المشهورة بالشام، وهي قصبة نواحي قنسرين والعواصم اليوم، الثاني حلب الساجود من نواحي حلب أيضا الثالث كفر حلب من قراها أيضا، الرابع محلة بظاهر القاهرة بالشارع من جهة الفسطاط. والله تعالى أعلم.
[ذكر اخطاط القاهرة وظواهرها]
قد تقدّم ذكر ما يطلق عليه حارة من الأخطاط، ونريد أن نذكر من الخطط ما لا يطلق عليه اسم حارة ولا درب، وهي كثيرة، وكل قليل تتغير أسماؤها، ولا بدّ من إيراد ما تيسر منها.
خط خان الوراقة: هذا الخط فيما بين حارة بهاء الدين وسويقة أمير الجيوش، وفي شرقيّة سوق المرجلين، وهو يشتمل على عدّة مساكن، وبه طاحون، وكان موضعه قديما اصطبل الصبيان الحجرية لموقف خيولهم كما تقدّم، فلما زالت الدولة الفاطمية اختط مواضع للسكنى وقد شمله الخراب.
خط باب القنطرة: هذا الخط كان يعرف قديما بحارة المرتاحية وحارة الفرحية والرماحين، وكان ما بين الرماحين الذي يعرف اليوم بباب القوس، داخل باب القنطرة، وبين الخليج، فضاء لا عمارة فيه، بطول ما بين باب الرماحين إلى باب الخوخة، وإلى باب سعادة، وإلى باب الفرج، ولم يكن إذ ذاك على حافة الخليج عمائر البتة، وإنما العمائر من جانب الكافوري «١» وهي مناظر اللؤلؤة «٢» وما جاورها من قبليها إلى باب الفرج، وتخرج