عبد الحميد بن يحيى يقول: لله در صالح ما أعظم منته على الكتاب.
وأما ديوان الشام، فإن الذي نقله من الرومية إلى العربية أبو ثابت سليمان بن سعد «١» كاتب الرسائل، واختلف في وقت نقله فقيل: نقل في خلافة عبد الملك بن مروان، وقيل:
في خلافة هشام بن عبد الملك، وكان الذي يكتب على ديوان الشام، سرجون بن منصور النصراني في أيام معاوية بن أبي سفيان، ثم كتب بعده ابنه منصور بن سرجون.
[ذكر خراج مصر في الإسلام]
أوّل من جبى خراج مصر في الإسلام، عمرو بن العاص رضي الله عنه، فكانت جبايته اثني عشر ألف ألف دينار، بفريضة دينارين دينارين من كل رجل، ثم جبى، عبد الله بن سعد ابن أبي سرح مصر أربعة عشر ألف ألف دينار، فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه لعمرو بن العاص: يا أبا عبد الله درت اللقحة بأكثر من درها الأوّل، فقال: أضررتم بولدها، وهذا الذي جباه عمرو، ثم عبد الله إنما هو من الجماجم خاصة دون الخراج، وانحط خراج مصر بعدهما لنموّ الفساد مع الزمان، وسريان الخراب في أكثر الأرض، ووقوع الحروب، فلم يجبها بنو أمية، وخلفاء بني العباس إلا دون الثلاثة آلاف ألف، ما خلا أيام هشام بن عبد الملك، فإنه وصى عبيد الله بن الحبحاب عامل مصر بالعمارة فيقال: إنه لم يظهر من خراج مصر بعد تناقصه كثرة إلا في وقتين، أحدهما في خلافة هشام بن عبد الملك عند ما ولي الخراج عبيد الله بن الحبحاب، فخرج بنفسه ومسح العامر من أراضي مصر، والغامر مما يركبه ماء النيل، فوجد قانون ذلك ثلاثين ألف ألف فدّان سوى ارتفاع الجرف ووسخ الأرض فراكها كلها، وعدّ لها غاية التعديل، فعقدت معه أربعة آلاف ألف دينار هذا والسعر راخ، والبلد بغير مكس، ولا ضريبة.
وفي سنة سبع ومائة لأوّل أيام هشام بن عبد الملك، وظف ابن الحبحاب بمصر، طبقات معلومة منسوبة في الدواوين، ولم تزل إلى ما بعد ذهاب بني أمية، ومبلغها ألف ألف دينار وسبعمائة ألف دينار وثمانمائة وسبعة وثلاثون دينارا منها على كور الصعيد: ألف ألف وأربعمائة دينار وعشرون دينارا. ونصف والباقي على كور أسفل الأرض.
ويقال: إن أسامة بن زيد جباها في خلافة سليمان بن عبد الملك، مبلغ اثني عشر ألف ألف دينار.
والوقت الثاني في إمارة أحمد بن طولون لما تسلم أرض مصر من أحمد بن محمد بن مدبر، وقد خربت أرض مصر حتى بقي خراجها ثمانمائة ألف ألف دينار، فاستقصى