المسودّة سألوا عن موضع الرأس الكريمة الشريفة، فنبشوه وأخذوه، والله أعلم ما صنع به.
وقال السريّ: لما قتل الحسين بن عليّ بكت السماء عليه، وبكاؤها حمرتها، وعن عطاء في قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ
[الدخان/ ٢٩] قال: بكاؤها حمرة أطرافها. وعن عليّ بن مسهر قال: حدّثتني جدّتي قالت: كنت أيام الحسين جارية شابة، فكانت السماء أياما كأنها علقة. وعن الزهري بلغني: أنه لم يقلب حجر من أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين إلّا وجد تحته دم عبيط.
ويقال: إنّ الدنيا أظلمت يوم قتل ثلاثا، ولم يمس أحد من زعفرانهم شيئا، فجعله على وجهه إلّا احترق وأنهم أصابوا إبلا في عسكر الحسين يوم قتل، فنحروها وطبخوها فصارت مثل العلقم، فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئا، وروي: أن السماء أمطرت دما، فأصبح كل شيء لهم ملآن دما.
[ما كان يعمل في يوم عاشوراء]
قال ابن زولاق في كتاب سيرة المعز لدين الله في يوم عاشوراء من سنة ثلاث وستين وثلثمائة، انصرف خلق من الشيعة، وأشياعهم إلى المشهدين: قبر كلثوم ونفيسة، ومعهم جماعة من فرسان المغاربة، ورجالتهم بالنياحة والبكاء على الحسين عليه السلام، وكسروا أواني السقائين في الأسواق، وشققوا الروايا، وسبوا من ينفق في هذا اليوم، ونزلوا حتى بلغوا مسجد الريح، وثارت عليهم جماعة من رعية أسفل، فخرج أبو محمد الحسين بن عمار، وكان يسكن هناك في دار محمد بن أبي بكر، وأغلق الدرب، ومنع الفريقين، ورجع الجميع، فحسن موقع ذلك عند المعز، ولولا ذلك لعظمت الفتنة، لأنّ الناس قد غلقوا الدكاكين وأبواب الدور، وعطلوا الأسواق، وإنما قويت أنفس الشيعة بكون المعز بمصر، وقد كانت مصر لا تخلو منهم في أيام الإخشيدية، والكافورية في يوم عاشوراء عند قبر كلثوم، وقبر نفيسه؟ وكان السودان وكافور يتعصبون على الشيعة، وتتعلق السودان في الطرقات بالناس، ويقولون للرجل: من خالك؟ فإن قال: معاوية، أكرموه، وإن سكت لقي المكروه، وأخذت ثيابه، وما معه حتى كان كافور قد وكل بالصحراء ومنع الناس من الخروج.
وقال المسبحيّ: وفي يوم عاشوراء، يعني من سنة ست وتسعين وثلثمائة جرى الأمر فيه على ما يجري كل سنة من تعطيل الأسواق، وخروج المنشدين إلى جامع القاهرة، ونزولهم مجتمعين بالنوح والنشيد ثم جمع بعد هذا اليوم قاضي القضاة عبد العزيز من النعمان، سائر المنشدين الذين يتكسبون بالنوح والنشيد وقال لهم: لا تلزموا الناس أخذ شيء منهم إذا وقفتم على حوانيتهم، ولا تؤذوهم، ولا تتكسبوا بالنوح والنشيد، ومن أراد ذلك فعليه بالصحراء، ثم اجتمع بعد ذلك طائفة منهم يوم الجمعة في الجامع العتيق بعد