نبهتني عليه هذه الكتابة أحبّ إليّ من المال، ثم أمر لكل من القوم المطالبية بمائتي دينار منه ولكل من الصناع بخمسة دنانير بعد توفية أجرة عمله، وللرافقي بثلاثمائة دينار، ولنسيم الخادم بألف دينار وحمل باقي الدنانير، فوجدها أجود من كل عيار، وشدّد من حينئذ في العيار بمصر. حتى صار عيار ديناره الذي عرف بالأحمديّ أجود عيار، وكان لا يطلى إلا به.
[يونس/ ٨٨- ٨٩] هذا دعاء من موسى عليه السلام، على فرعون وقومه من أهل مصر، لكفرهم أن يهلك الله أموالهم. قال الزجاج: طمس الشيء: إذهابه عن صورته.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وعن محمد بن كعب القرظي أنهما قالا:
صارت أموال أهل مصر ودراهمهم حجارة منقوشة كهيئتها صحاحا، وأثلاثا وأنصافا، فلم يبق معدن إلا طمس الله عليه فلم ينتفع به أحد بعدهم. وقال قتادة: بلغنا أن أموالهم وزروعهم صارت حجارة. وقال مجاهد: وعطية أهلكها الله تعالى حتى لا ترى يقال: عين مطموسة أي ذاهبة، وطمس الموضع: إذا عفا ودرس. وقال ابن زيد: صارت دنانيرهم ودراهمهم وفرشهم وكل شيء لهم حجارة. وقال محمد بن كعب: وكان الرجل منهم يكون مع أهله وفراشه وقد صارا حجرين. قال: وقد سألني عمر بن عبد العزيز، فذكرت ذلك فدعا بخريطة أصيبت بمصر، فأخرج منها الفواكه والدراهم والدنانير وإنها لحجارة.
وقال محمد بن شهاب الزهري: دخلت على عمر بن عبد العزيز فقال: يا غلام ائتني بالخريطة. فجاء بخريطة نثر ما فيها، فإذا فيها دراهم ودنانير وتمر وجوز وعدس وفول.
فقال: كل يا ابن شهاب فأهويت فإذا هو حجارة فقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا مما أصاب عبد العزيز بن مروان في مصر إذ كان عليها واليا وهو مما طمس الله عليه من أموالهم.
وقال المضارب بن عبد الله الشامي: أخبرني من رأى النخلة بمصر مصروعة وإنها لحجر. ولقد رأيت ناسا كثيرا قياما وقعودا في أعمالهم لو رأيتهم ما شككت فيهم قبل أن تدنو منهم إنهم أناس وإنهم لحجارة. ولقد رأيت الرجل من رقيقهم وإنه لحارث على ثورين وإنه وثوريه لحجارة. ونقل وسمة بن موسى في قصص الأنبياء: أن فرعون لما هلك وقومه وآمنت بنو إسرائيل غائلته ندب موسى عليه السلام؛ من نقبائه الاثني عشر نقيبين: أحدهما:
كالب بن موقيا، والآخر: يوشع بن نون، مع كل واحد من سبطه اثنا عشر ألفا وأرسلهما إلى