قال ابن رضوان في شرح الأربع: وقد يحتاج أمر النيل إلى شروط. منها: أن تكون الأمطار متوالية في نواحي الجنوب قبل مدّه، وفي وقت مدّه، ولذلك وجب أن يكون النيل متى كانت الزهرة وعطارد مقترنين في مدخل الصيف، كثير الزيادة لرطوبة الهواء، ومتى كان المريخ، أو بعض المنازل في ناحية الجنوب في مدخل الربيع أو الصيف كان قليلا لقلة الأمطار في تلك الناحية، ومنها: أن تكون الرياح شمالية لتوقف جريه.
فأما الجنوبية: فإنها تسرع انحداره ولا تدعه يلبث فإذا علمت ما يكون في ناحية الجنوب من كثرة الأمطار أو قلتها وفي ناحية مصر من هبوب مصر في فصلي الربيع والصيف، فقد علمت حال النيل كيف يكون، وتعلم من حاله ما يعرض بمصر من الخصب والجدب.
وقال أبو سامر بن يونس المنجم عن بطليموس: إذا أردت أن تعلم مقدار النيل في الزيادة والنقصان، فانظر حين تحل الشمس برج السرطان إلى الزهرة، وعطارد، والقمر، فإن كانت أحوالها جيدة وهي برية من النحوس، فالنيل يمتدّ وتبلغ الحاجة به وإن كانت أحوالها بخلاف ذلك وهي ضعيفة فانكس القول فإن ضعف بعضها وصلح البعض توسط الحال في النيل، والضابط أن قوّة الثلاثة تدل على تمام النيل، وضعفها على توسطه، وانتحاسها أو احتراقها أو وقوعها في بعدها الأبعد من الأرض على النقص، وإنه قليل جدّا إلا أن احتراق الزهرة في برج الأسد يستنزل الماء من الجنوب.
وقال أبو معشر «١» : ينظر عند انتقال الشمس إلى برج السرطان للزهرة وعطارد والقمر، فإن كانت في سيرها الأكبر فإن زيادة النيل عظيمة، وإن كانت في سيرها الأوسط فاعرف كم أكثر مسيرها، وكم أقله وأنسبه بحسب ما تراه، وإن كانت بطيئة السير فزيادة النيل قليلة، وإن اختلف مسير هذه الثلاثة فكان بعضها في مسيره الأكبر، وبعضها بطيء السير، فغلب أقواها وأمزج الدلالة وقل بحسب ذلك.
وقالت القبط: ينظر أوّل يوم من شهر برمودة «٢» ما الذي يوافقه من أيام الشهر العربيّ، فما كان من الأيام فزد عليه خمسة وثمانين، فما بلغ خذ سدسه فإنه يكون عدد مبلغ النيل من الأذرع في تلك السنة.