[ذكر من ولي مصر من الأمراء بعد خراب القطائع إلى أن بنيت قاهرة المعز على يد القائد جوهر]
وكان أوّل من ولي مصر بعد زوال دولة بني طولون وخراب القطائع.
محمد بن سليمان الكاتب «١» كاتب لؤلؤ غلام أحمد بن طولون دخل مصر يوم الخميس مستهلّ ربيع الأوّل سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ودعا على المنبر لأمير المؤمنين المكتفي بالله وحده، وجعل أبا عليّ الحسين بن أحمد المادرانيّ على الخراج عوضا عن أحمد بن عليّ المادرانيّ.
ثم ورد كتاب المكتفي بولاية: عيسى بن محمد «٢» النوشريّ أبي موسى، فولي على الصلاة، ودخل خليفته لأربع عشرة خلت من جمادى الأولى، فتسلم الشرطتين وسائر الأعمال، ثم قدم عيسى لسبع خلون من جمادى الآخرة، وخرج محمد بن سليمان مستهلّ رجب، وكان مقامه بمصر أربعة أشهر، فأخرج كل من بقي من الطولونية، فلما بلغوا دمشق، انخنس عنهم محمد بن عليّ الخليج في جمع كثير ممن كره مفارقة مصر من القوّاد، فعقدوا له عليهم، وبايعوه بالإمرة في شعبان، ورجع إلى مصر، فبعث إليه النوشريّ بجيش أوّل رمضان، وقد دخل أرض مصر، ثم خرج إليه النوشري، وعسكر بباب المدينة أوّل ذي القعدة، وسار إلى العباسة، ثم رجع لثلاث عشرة خلت منه، وخرج إلى الجيزة من غده وأحرق الجسرين، وسار يريد الإسكندرية، ففرّ عنه طائفة إلى ابن الخليج، فبعث إليه بجيش، فهزمه وسار إلى الصعيد.
ودخل محمد بن الخليج الفسطاط لأربع عشرة بقيت من ذي القعدة، فوضع العطاء، وفرض الفروض، وقدم أبو الأعز من قبل المكتفي في طلب ابن الخليج، فخرج إليه لثلاث خلون من المحرّم سنة ثلاث وتسعين وحاربه، فانهزم منه أبو الأعز، وأسر من أصحابه جمعا كثيرا، وعاد لثمان بقين منه، فقدم فاتك المعتضدي من بغداد في البرّ، فعسكر وقدم دميانة «٣» في المراكب، فنزل فاتك النويرة «٤» ، فخرج ابن الخليج وعسكر بباب المدينة، وقام في الليل بأربعة آلاف من أصحابه ليبيت فاتكا، فأضلوا الطريق، وأصبحوا قبل أن يبلغوا النويرة، فعلم بهم فاتك، فنهض بأصحابه، وحارب ابن الخليج، فانهزم عنه