ينزل تجاه هذا الصنم فلما بلغ ذلك فرعون ظنّ أنّ الصنم قد حبس موسى ومن معه ومنعهم من المسير كما يعهدونه منه فخرج بجنوده في طلب موسى وقومه ليأخذهم بزعمه فكان من غرقه ما قصه الله تعالى وسيرد خبر موسى عليه السلام عند ذكر كنيسة دموة من هذا الكتاب في ذكر كنائس اليهود.
وفي بحر القلزم هذا خمس عشرة جزيرة منها: أربع عامرات وهي: جزيرة دهلك، وجزيرة سواكن، وجزيرة النعمان، وجزيرة السامريّ ويخرج من هذا البحر خلجان: خليج لطيف ببلاد الهند المتصلة بالبحر الأعظم، وخليج يحول بين بلاد السودان، وبلاد اليمن عرض دقاقه نحو من فرسخين، ويقرب هذا البحر من البحر الرومي في أعمال بلاد الشام وديار مصر حتى يكون بينهما نحو يوم.
ذكر البحر الرومي «١»
ولما كانت عدّة بلاد من أرض مصر مطلة على البحر الرومي كمدينة الإسكندرية، ودمياط وتنيس، والفرماء، والعريش وغير ذلك، وكان حدّ أرض مصر ينتهي في الجهة الشمالية إلى هذا البحر وهو نهاية مصب النيل حسن التعريف بشيء من أخباره، وقد تقدّم أن مخرج البحر الرومي هذا من جهة الغرب وهو يخرج في الإقليم الرابع بين الأندلس، والغرب سائرا إلى القسطنطينية، ويقال: إن إسكندر الجبار حفره وأجراه من البحر المحيط الغربيّ وأن جزيرة الأندلس وبلاد البربر كانت أرضا واحدة يسكنها البربر والأشبان فكان بعضهم يغير على بعض إلى أن ملك إسكندر الجبار بن سلقوس بن اعريقس بن دوبان فرغب إليه الأشبان في أن يجعل بينهم وبين البربر خليجا من البحر يمكن به احتراز كل طائفة عن الأخرى فحفر زقاقا طوله ثمانية عشر ميلا في عرض اثني عشر ميلا، وبنى بجانبيه سكرين وعقد بينهما قنطرة يجاز عليها وجعل عندها حرسا يمنعون البربر من الجواز عليها إلا بإذن وكان قاموس البحر أعلى من أرض هذا الزقاق فطما الماء حتى غطى السكرين مع القنطرة وساق بين يديه بلادا كثيرة وطغى على عدّة بلاد ويقال: إن المسافرين في هذا الزقاق بالبحر يخبرون أن المراكب في بعض الأوقات يتوقف سيرها مع وجود الريح فيجدون المانع لها كونها قد سلكت بين شرافات السور وبين حائطين ثم عظم هذا الزقاق في الطول والعرض حتى صار بحرا عرضه ثمانية عشر ميلا ويذكرون أن البحر إذا جزر ترى القنطرة حينئذ وهذا الخبر أظنه غير صحيح فإن أخبار هذا البحر وكونه بسواحل مصر لم يزل ذكره في الدهر الأوّل قبل إسكندر بزمان طويل، فإما أن يكون ذلك قد كان في أوّل الدهر مما عمله بعض الأوائل، وإما أن يكون