منهم خلائق، ومنها تفرّقت البربر، فنزلت زناتة ومغيلة وضريسة الجبال، ونزلت لواتة أرض برقة، ونزلت هوّارة طرابلس المغرب، ثم انتشرت البربر إلى السويس، فلما كان في شوّال سنة أربع وثلثمائة من سني الهجرة المحمدية جلى أهل لوبية ومراقية إلى الإسكندرية خوفا من صاحب برقة، ولم تزل في اختلال إلى أن تلاشت في زمننا، وبها بعد ذلك بقية جيدة.
كوم شريك: هذا المكان بالقرب من الإسكندرية، له ذكر في الأخبار عرف بشريك بن سميّ بن عبد يغوث بن جزء المراديّ القطيفيّ، من الصحابة رضي الله عنهم، وكان على مقدّمة عمرو بن العاص في فتح الإسكندرية الثاني، فعند ما كثرت جمائع الروم انحاز شريك إلى هذا الكوم بأصحابه، ودافع الروم حتى أدركه عمرو، وكوم شريك هذا من جملة حوف رمسيس.
غيفة: قرية تقارب مدينة بلبيس، من الفسطاط إليها مرحلتان، كانت منزلة قافلة الحاج، ويقال: إنّ صواع الملك الذي فقد من مدينة مصر وجد في رحال إخوة يوسف عليه السلام، بغيفة هذه.
سمنود: كان بها بربا عليه هيئة درقة، فيها كتابة حكى ابن زولاق عن أبي القاسم مأمون العدل: أنه نسخ الكتابة في قرطاس وصوّره على درقة، قال: فما كنت أستقبل به أحدا، إلا ولى هاربا، وكان بها أيضا تماثيل وصور من يملك مصر، فيهم قوم عليهم شاسيات، وبأيديهم الحراب، وعليهم مكتوب هؤلاء يملكون مدينة مصر.
[ذكر مدينة بلبيس]
وسميت في التوراة: أرض حاشان، وفيها نزل يعقوب لما قدم على ولده يوسف عليهما السلام، فأنزله بأرض حاشان، وهي: بلبيس إلى العلاقمة من أجل مواشيهم. قال ابن سعيد: بلبيس واليها يصل حكمه إلى الواردة وهي آخر حدّ مصر، وإليها تنتهي المعادلة بفضة السواد، ويصير الناس يتعاملون بالفلوس بعدها إلى العريش، وهي أوّل الشام، وقيل:
هي آخر مصر.
وقال أبو عبيد البكريّ: بلبيس، فتح أوّله وإسكان ثانيه بعده باء مثل الأولى مفتوحة أيضا وياء ساكنة وسين مهملة، وهو موضع قريب مصر معروف، وذكر ابن خرداذبه في كتاب المسالك والممالك: أن بين بلبيس، ومدينة فسطاط مصر، أربعة وعشرين ميلا.
وذكر الواقديّ: أنّ المقوقس زوّج ابنته أرمانوسة من قسطنطين بن هرقل، وجهزها بأموالها وجواريها وغلمانها وحشمها لتسير إليه حتى يبني عليها في مدينة فيسارية، وهم محاصرون لها، فخرجت إلى بلبيس، وأقامت بها، وبعثت حاجبها الكبير في ألفي فارس إلى الفرما ليحفظ الطريق، ولا يدع أحدا من الروم ولا غيرهم يعبر إلى مصر، وبعث