كان باب النصر أوّلا دون موضعه اليوم، وأدركت قطعة من أحد جانبيه، كانت تجاه ركن المدرسة القاصدية الغربيّ، بحيث تكون الرحبة التي فيما بين المدرسة القاصدية، وبين بابي جامع الحاكم القبليين خارج القاهرة، ولذلك تجد في أخبار الجامع الحاكميّ أنه وضع خارج القاهرة، فلما كان في أيام المستنصر، وقدم عليه أمير الجيوش بدر الجماليّ من عكا، وتقلد وزارته، وعمر سور القاهرة، نقل باب النصر، من حيث وضعه القائد جوهر إلى حيث هو الآن، فصار قريبا من مصلى العيد، وجعل له باشورة أدركت بعضها إلى أن احتفرت أخت الملك الظاهر برقوق الصهريج السبيل تجاه باب النصر، فهدمته، وأقامت السبيل مكانه، وعلى باب النصر مكتوب بالكوفيّ في أعلاه: لا إله إلّا الله محمد رسول الله عليّ وليّ الله صلوات الله عليهما.
باب الفتوح «٢»
وضعه القائد جوهر دون موضعه الآن، وبقي منه إلى يومنا هذا عقده، وعضادته اليسرى، وعليه أسطر من الكتابة بالكوفيّ، وهو برأس حارة بهاء الدين من قبليها دون جدار الجامع الحاكميّ، وأما الباب المعروف اليوم: بباب الفتوح، فإنه من وضع أمير الجيوش، وبين يديه باشورة، قد ركبها الآن الناس بالبنيان، لما عمر ما خرج عن باب الفتوح.
أمير الجيوش: أبو النجم بدر الجماليّ كان مملوكا أرمنيا لجمال الدولة بن عمار، فلذلك عرف: بالجماليّ، وما زال يأخذ بالجدّ من زمن سبيه فيما يباشره، ويوطن نفسه على قوّة العزم، ويتنقل في الخدم، حتى ولي إمارة دمشق من قبل المستنصر في يوم الأربعاء ثالث عشري ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة، ثم سار منها كالهارب في ليلة الثلاثاء لأربع عشرة خلت من رجب سنة ست وخمسين، ثم وليها ثانيا يوم الأحد سادس شعبان سنة