ويقال: إنّ فيوفيوس، أوّل من ملك مدينة رومية، وأنه أقام ملكا ثلاثا وأربعين سنة، وزاد كانون الثاني وشباط في شهور الروم بحكم أنها كانت إلى ذلك الزمان عشرة أشهر، كل شهر ستة وثلاثون يوما، وكان سبب نقص شباط يومين، وقوع غارة في أيام فيطن رئيس جيش الروم خلف، وحروب بينه وبين فريوريوس آلت إلى نصرة فيطن، وأخذه مملكة الروم، وأمر بفريوريوس، فنودي عليه (اعيا مرديا) وتفسيره: اخرج يا شباط، ثم غرق في البحر وسموا شهر شباط فريوريوس ليكون تذكار سوء له، فإنّ هذا الفعل كان في يومي التاسع والعشرين والثلاثين من شباط فنقصوهما من شباط، وزادوهما في تموز وكانون الثاني، فجعلوا كل شهر منهما أحدا وثلاثين يوما، ثم بعد زمان جاء ملك آخر فقال:
لا يحسن أن يكون شباط في وسط السنة، فنقله إلى آخرها، ولم يزل الروم من ذلك الوقت يتطيرون من شباط.
[ذكر الفرق بين الإسكندر وذي القرنين وأنهما رجلان]
اعلم أن التحقيق عند علماء الأخبار، أنّ ذا القرنين الذي ذكره الله في كتابه العزيز، فقال: وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً
[الكهف/ ٨٣] الآيات، عربيّ، قد كثر ذكره في أشعار العرب، وأنّ اسمه: الصعب بن ذي مراثد بن الحارث الرائش بن الهمال ذي سدد بن عاد ذي منح بن عامر الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام.
وأنه ملك من ملوك حمير، وهم العرب العاربة، ويقال لهم أيضا: العرب العرباء، وكان ذو القرنين تبعا متوّجا، ولما ولي الملك تجبر، ثم تواضع لله، واجتمع بالخضر.
وقد غلط من ظن أنّ الإسكندر بن فيليبس هو ذو القرنين الذي بنى السدّ، فإنّ لفظة ذو عربية، وذو القرنين من ألقاب العرب ملوك اليمن وذاك روميّ يونانيّ.
قال أبو جعفر الطبريّ: وكان الخضر في أيام أفريدون الملك بن الضحاك في قول عامة علماء أهل الكتاب الأول، وقبل موسى بن عمران عليه السلام، وقيل: إنه كان على مقدّمة ذي القرنين الأكبر الذي كان على أيام إبراهيم الخليل عليه السلام.
وأنّ الخضر بلغ مع ذي القرنين أيام مسيره في البلاد نهر الحياة، فشرب من مائه، وهو لا يعلم به ذو القرنين ولا من معه، فخلد، وهو حيّ عندهم إلى الآن، وقال آخرون:
إنّ ذا القرنين الذي كان على عهد إبراهيم الخليل عليه السلام هو: أفريدون بن الضحاك، وعلى مقدّمته كان الخضر.
وقال أبو محمد عبد الملك بن هشام في كتاب التيجان في معرفة ملوك الزمان، بعد ما