حاجزا وهما بحر الروم وبحر الصين، والحاجز بينهما مسيرة ليلة، ما بين القلزم والفرما، وليس يتقاربان في بلد من البلدان أقرب منهما بهذا الموضع، وبينهما في السفر مسيرة شهور.
ذكر مدينة القلزم «١»
القلزم: بضم القاف وسكون اللام وضم الزاي وميم، بلدة كانت على ساحل بحر اليمن في أقصاه من جهة مصر، وهي كورة من كور مصر، وإليها ينسب بحر القلزم، وبالقرب منها غرق فرعون، وبينها وبين مدينة مصر ثلاثة أيام، وقد خربت ويعرف اليوم موضعها بالسويس تجاه عجرود، ولم يكن بالقلزم ماء ولا شجر ولا زرع، وإنما يحمل الماء إليها من آبار بعيدة، وكان بها فرضة مصر والشام، ومنها تحمل الحمولات إلى الحجاز واليمن، ولم يكن بين القلزم وفاران قرية ولا مدينة، وهي نخل يسير فيه صيادو السمك، وكذلك من فاران وجيلان إلى أيلة.
قال ابن الطوير «٢» : والبلد المعروف بالقلزم، أكثرها باق إلى اليوم، ويراها الراكب السائر من مصر إلى الحجاز، وكانت في القديم ساحلا من سواحل الديار المصرية، ورأيت شيئا من حسابه من جهة مستخدميه في حواصل القصر، وما ينفق على واليه وقاضيه وداعيه وخطيبه، والأجناد المركزين به لحفظه وقربه وجامعه ومساجده، وكان مسكونا مأهولا.
قال المسبحي في حوادث سنة سبع وثمانين وثلثمائة وفي شهر رمضان: سامح أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أهل مدينة القلزم، مما كان يؤخذ من مكوس المراكب.
وقال ابن خرداذبة عن التجار، فيركبون في البحر الغربيّ، ويخرجون بالفرماء، ويحملون تجاراتهم على الظهر إلى القلزم، وبينهما خمسة وعشرون فرسخا، ثم يركبون البحر الشرقيّ، من القلزم إلى تجار جدّة، ثم يمضون إلى السند والهند والصين، ومن القلزم ينزل الناس في بريّة وصحراء، ست مراحل إلى أيلة، ويتزوّدون من الماء لهذه المراحل الست، ويقال: إنّ بين القلزم وبحر الروم ثلاث مراحل، وإنّ ما بينهما هو البرزخ الذي ذكره تعالى بقوله: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ
[الرحمن/ ١٩] .
[ذكر التيه]
هو أرض بالقرب من أيلة بينهما عقبة، لا يكاد الراكب يصعدها لصعوبتها، إلا أنها