المغربيّ في يوم الخميس خامس عشرة، ودرّس فيه أيضا الفخر البغداديّ، وحضر معهما قضاة القضاة والمشايخ. وفي سابع عشرة استقرّ بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد العينتابيّ ناظر الأحباس في تدريس الحديث النبويّ، واستقرّ شمس الدين محمد بن يحيى في تدريس القراءات السبع. وفي يوم الجمعة حادي عشرة شوّال منها نزل السلطان إلى هذا الجامع وقد تقدّم إلى المباشرين من أمسه بتهيئة السماط العظيم للمدّة فيه، والسّكّر الكثير لتملأ البركة التي بالصحن من السّكّر المذاب والحلوى الكثيرة، فهيىء ذلك كله وجلس السلطان بكرة النهار بالقرب من البركة في الصحن على تخت، واستعرض الفقهاء فقرّر من وقع اختياره عليه في الدروس، ومدّ السماط العظيم بأنواع المطاعم، وملئت البركة بالسّكّر المذاب، فأكل الناس ونهبوا وارتووا من السّكّر المذاب وحملوا منه ومن الحلوى ما قدروا عليه. ثم طلب قاضي القضاة شمس الدين محمد بن سعد الديريّ الحنفيّ وخلع عليه كاملية صوف بفرو سمور، واستقرّ في مشيخة التصوّف وتدريس الحنفية، وجلس بالمحراب والسلطان عن يمينه ويليه ابنه المقام الصارميّ إبراهيم، وعن يساره قضاة القضاة ومشايخ العلم، وحضر أمراء الدولة ومباشروها، فألقى درسا مفيدا إلى أن قرب وقت الصلاة، فدعا بفض المجلس، ثم حضرت الصلاة فصعد ناصر الدين محمد بن البارزيّ كاتب السرّ المنبر فخطب وصلّى، ثم خلع عليه واستقرّ خطيبا وخازن الكتب، وخلع على شهاب الدين أحمد الأذرعيّ الإمام واستقرّ في إمامة الخمس وركب السلطان وكان يوما مشهودا. ولما مات المقام الصارميّ إبراهيم بن السلطان دفن بالقبة الشرقية ونزل السلطان حتى شهد دفنه في يوم الجمعة ثاني عشري جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين، وأقام حتى صلّى به الخطيب محمد البارزيّ كاتب السرّ صلاة الجمعة بعد ما خطب خطبة بليغة، ثم عاد إلى القلعة وأقام القرّاء على قبره يقرءون القرآن أسبوعا والأمراء وسائر أهل الدولة يتردّدون إليه، وكانت ليالي مشهودة. وفي يوم السبت آخره استقرّ في نظر الجامع المذكور الأمير مقبل الدوادار وكاتب السرّ ابن البارزيّ، فنزلا إليه جميعا وتفقدا أحواله ونظرا في أموره، فلما مات ابن البارزي في ثامن شوّال منها انفرد الأمير مقبل بالتحدّث إلى أن مات السلطان في يوم الاثنين ثامن المحرّم سنة أربع وعشرين وثمانمائة، فدفن بالقبة الشرقية ولم تكن عمرت، فشرع في عمارتها حتى كملت في شهر ذي القعدة منها، وكذلك الدرج التي يصعد منها إلى باب هذا الجامع من داخل باب زويلة، لم تعمل إلّا في شهر رمضان منها، وبقيت بقايا كثيرة من حقوق هذا الجامع لم تعمل منها القبة التي تقابل القبة المدفون تحتها السلطان والبيوت المعدّة لسكن الصوفية وغير ذلك، فأفرد لعمارتها نحو من عشرين ألف دينار واستقرّ نظر هذا الجامع بعد موت السلطان بيد كاتب السرّ.
الجامع الأشرفيّ
هذا الجامع فيما بين المدرسة السيوفية وقيسارية العنبر، كان موضعه حوانيت تعلوها