وقال ابن عفير: فلما نهضت الإبل لقيهم برح بن كسحل المهري فقال: ما هذا؟
ما بال مالنا يخرج من بلادنا؟ ردّوه، فردّوه حتى وقف على باب المسجد، فقال: أخذتم عطياتكم، وأرزاقكم وعطاء عيالكم ونوائبكم، قالوا: نعم، قال: لا بارك الله لهم فيه خذوه فساروا به.
وقال بعضهم: جبى عمرو بن العاص عشرة آلاف دينار فكتب إليه عمر بن الخطاب بعجزه، ويقول له جباية الروم: عشرون ألف ألف دينار فلما كان العام المقبل جباه عمرو اثني عشر ألف ألف دينار، وقال ابن لهيعة: جبى عمرو بن العاص الإسكندرية الجزية ستمائة ألف دينار، لأنه وجد فيها ثلاثمائة ألف من أهل الذمّة فرض عليهم دينارين دينارين، والله تعالى أعلم.
[ذكر انتقاض القبط وما كان من الأحداث في ذلك]
خرّج الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كيف أنتم إذا لم تجبوا دينارا ولا درهما؟ قالوا: وكيف نرى ذلك كائنا يا أبا هريرة؟ قال: إي والذي نفس أبي هريرة بيده عن قول الصادق والمصدوق، قالوا: عم ذلك؟ قال: تنتهك ذمّته وذمّة رسوله فيشدّ الله عز وجل قلوب أهل الذمّة فيمنعون ما في أيديهم.
قال أبو عمرو محمد بن يوسف «١» الكنديّ في كتاب أمراء مصر، وأمرة الحرّ «٢» بن يوسف أمير مصر كتب عبد الله بن الحبحاب صاحب خراجها إلى هشام بن عبد الملك، بأنّ أرض مصر تحتمل الزيادة، فزاد على كل دينار قيراطا، فانتقصت كورة تنو ونمي وقربيط وطرابية، وعامة الحوف الشرقيّ، فبعث إليهم الحر بأهل الديوان، فحاربوهم فقتل منهم بشر كثير، وذلك أول انتقاض القبط بمصر، وكان انتقاضهم في سنة سبع ومائة، ورابط الحرّ بن يوسف بدمياط ثلاثة أشهر، ثم انتقض أهل الصعيد، وحارب القبط عمالهم في سنة إحدى وعشرين ومائة، فبعث إليهم حنظلة بن صفوان أمير مصر، أهل الديوان، فقتلوا من القبط ناسا كثيرا، وظفر بهم وخرج- بخنس- رجل من القبط في سمنود، فبعث إليه عبد الملك بن مروان: موسى بن نصير أمير مصر، فقتل- بخنس- في كثير من أصحابه، وذلك في سنة اثنين وثلاثين ومائة، وخالفت القبط برشيد.
فبعث إليهم مروان بن محمد الجعديّ لما دخل مصر فارا من بني العباس، بعثمان بن