وجعل عليه واليا بمفرده، ولله در الأسعد بن خطير المماتي حيث يقول:
خليج كالحسام له صقال ... ولكن فيه للرائي مسرّه
رأيت به الملاح تجيد عوما ... كأنهم نجوم في مجرّه
وقال بهاء الدين أبو الحسن عليّ بن الساعاتي في يوم كسر الخليج:
إنّ يوم الخليج يوم من الحس ... ن بديع المرئيّ والمسموع
كم لديه من ليث غاب صؤول ... ومهاة مثل الغزال المروع
وعلى السدّ عزة قبل أن تم ... لكه ذلة المحب الخضوع
كسروا جسره هناك فحاكى ... كسر قلب يتلوه فيض دموع
[ذكر خليج فم الخور وخليج الذكر]
قال ابن سيده في كتاب المحكم. في اللغة الخور مصب الماء في البحر، وقيل هو خليج من البحر، والخور المطمئن من الأرض، وخليج فم الخور يخرج الآن من بحر النيل ويصب في الخليج الناصريّ ليقوّي جري الماء فيه ويغزره، وكان قبل أن يحفر الخليج الناصريّ يمدّ خليج الذكر، وكان أصله ترعة يدخل منها ماء النيل للبستان الذي عرف بالمقسي ثم وسّع.
قال ابن عبد الظاهر: وكان يخرج من البحر للمقسيّ الماء في البرابخ، فوسّعه الملك الكامل، وهو خليج الذكر. ويقال أنّ خليج الذكر حفره كافور الإخشيدي، فلما زال البستان المقسيّ في أيام الخليفة الظاهر بن الحاكم وجعله بركة قدّام المنظرة المعروفة باللؤلؤة، صار يدخل الماء إليها من هذا الخليج، وكان يفتح هذا الخليج قبل الخليج الكبير، ولم يزل حتى أمر الملك الناصر محمد بن قلاون في سنة أربع وعشرين وسبعمائة بحفره فحفر وأوصل بالخليج الكبير، وشرع الأمراء والجند في حفره من أخريات جمادى الآخرة، فلما فتح كادت القاهرة أن تغرق، فسدّت القنطرة التي عليه فهدمها الماء، ومن حينئذ عزم السلطان على حفر الخليج الناصري، وأنا أدركت آثاره، وفيه ينبت القصب المسمى بالفارسيّ.
وأخبرني الشيخ المعمر حسام الدين حسين بن عمر الشهرزوريّ أنه يعرف خليج الذكر هذا وفيه الماء، وسبح فيه غير مرّة، وأراني آثاره، وكان الماء يدخل إليه من تحت قنطرة الدكة الآتي ذكرها في القناطر إن شاء الله تعالى، وعلى خليج فم الخور الآن قطنرة، وعلى خليج الذكر قنطرة يأتي ذكرهما إن شاء الله تعالى عند ذكر القناطر، وإنما قيل له خليج الذكر لأن بعض أمراء الملك الظاهر ركن الدين بيبرس كان يعرف بشمس الدين الذكر الكركيّ، كان له فيه أثر من حفره، فعرف به، وكان للناس عند هذا الخليج مجتمع يكثر فيه لهوهم ولعبهم.
قال المسبحيّ وفي يوم الثلاثاء لخمس بقين منه، يعني المحرّم، سنة خمس عشرة