هذه الخانقاه بالصحراء خارج باب البرقية فيما بين قلعة الجبل وقبة النصر، أنشأها الأمير طغاي تمر النجميّ، فجاءت من المباني الجليلة، ورتب بها عدّة من الصوفية وجعل شيخهم الشيخ برهان الدين الرشيدي، وبنى بجانبها حمّاما وغرس في قبليها بستانا، وعمل بجانب الحمّام حوض ماء للسبيل ترده الدواب، ووقف على ذلك عدّة أوقاف، ثم إن الحمّام والحوض تعطلا مدّة. فلما ماتت أرزباي زوجة القاضي فتح الدين فتح الله كاتب السرّ في سنة ثمان وثمانمائة، دفنها خارج باب النصر وأحبّ أن يبنى على قبرها ويوقف عليها أوقافا، ثم بدا له فنقلها إلى هذه الخانقاه ودفنها بالقبة التي فيها، وأدار الساقية وملأ الحوض ورتب لقرّاء هذه الخانقاه معلوما، وعزم على تجديد ما تشعث من بنائها وإدارة حمامها، ثم بدا له فأنشأ بجانب هذه الخانقاه تربة ونقل زوجته مرّة ثالثة إليها، وجعل أملاكه وقفا على تربته.
طغاي تمر النجميّ: كان دوادار الملك الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاون، فلما مات الصالح استقرّ على حاله في أيام أخويه الملك الكامل شعبان، والملك المظفر حاجي، وكان من أحسن الأشكال وأبدع الوجوه، تقدّم في الدول وصارت له وجاهة عظيمة، وخدمه الناس ولم يزل على حاله إلى أن لعب به أغرلوا فيمن لعب وأخرجه إلى الشام وألحقه بمن أخذه من غزة، وذلك في أوائل جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وطغاي هذا أوّل دوادار أخذ أمرة مائة وتقدمة ألف، وذلك في أوّل دولة المظفر حاجي، ولما كانت واقعة الأمير ملكتمر الحجازيّ والأمير آق سنقر وعدّة من الأمراء في تاسع عشر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، رمى طغاي تمر سيفه وبقي بغير سيف بعض يوم، ثم إن المظفر أعطاه سيفه واستمرّ في الدوادارية نحو شهر، وأخرج هو والأمير نجم الدين محمود الوزير، والأمير سيف الدين بيدمر البدريّ على الهجن إلى الشام، فأدركهم الأمير سيف الدين منجك وقتلهم في الطريق.
خانقاه أمّ أنوك
هذه الخانقاه خارج باب البرقية بالصحراء، التي أنشأتها الخاتون طغاي تجاه تربة الأمير طاشتمر الساقي، فجاءت من أجلّ المباني، وجعلت بها صوفية وقرّاء، ووقفت عليها الأوقاف الكثيرة، وقرّرت لكل جارية من جواريها مرتبا يقوم بها.
طغاي الخوندة الكبرى: زوجة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون، وأمّ ابنه الأمير أنوك، كانت من جملة إمائه، فأعتقها وتزوّجها، ويقال أنها أخت الأمير أقبغا عبد الواحد، وكانت بديعة الحسن باهرة الجمال، رأت من السعادة ما لم يره غيرها من نساء