للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مساحتها عشرة آلاف ذراع وجعلت خانقاه، وجعل فيها قبة على قبر السلطان وقبور الفقراء المذكورين، وتجدّد من حينئذ هناك عدّة ترب جليلة، حتى صار الميدان شوارع وأزقة، ونقل الملك الناصر فرج بن برقوق سوق الجمال وسوق الحمير من تحت القلعة إلى تجاه التربة التي عمرها على قبر أبيه، فاستمرّ ذلك أياما في سنة أربع عشرة وثمانمائة، ثم أعيدت الأسواق إلى مكانها، وكان قصده أن يبني هناك خانا كبيرا ينزل فيه المسافرون، ويجعل بجانبه سوقا، وبنى طاحونا وحمّاما وفرنا لتعمر تلك الجهة بالناس، فمات قبل بناء الخان، وخلت الحمّام والطاحون والفرن بعد قتله.

[ذكر كنائس اليهود]

قال الله عز وجل: لَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً

[الحج/ ٤٠] قال المفسرون: الصوامع للصابئين، والبيع للنصارى، والصلوات كنائس اليهود، والمساجد للمسلمين. قاله ابن قتيبة: والكنيس كلمة عبرانية معناها بالعربية الموضع الذي يجتمع فيه للصلاة، ولهم بديار مصر عدة كنائس، منها كنيسة دموة بالجيزة، وكنيسة جوجر من القرى الغربية، وبمصر الفسطاط كنيسة بخط المصاصة في درب الكرمة، وكنيستان بخط قصر الشمع، وبالقاهرة كنيسة بالجودرية، وفي حارة زويلة خمس كنائس.

كنيسة دموه: هذه الكنيسة أعظم مبعد لليهود بأرض مصر، فإنهم لا يختلفون في أنها الموضع الذي كان يأوى إليه موسى بن عمران صلوات الله عليه، حين كان يبلغ رسالات الله عز وجلّ إلى فرعون مدّة مقامة بمصر، منذ قدم من مدين إلى أن خرج ببني إسرائيل من مصر. ويزعم يهود أنها بنيت هذا البناء الموجود بعد خراب بيت المقدس الخراب الثاني على يد طيطش ببعض وأربعين سنة، وذلك قبل ظهور الملة الإسلامية بما ينيف على خمسمائة سنة، وبهذه الكنيسة شجرة زيزلخت في غاية الكبر لا يشكون في أنها من زمن موسى عليه السلام، ويقولون أنّ موسى عليه السلام غرس عصاه في موضعها فأنبت الله هناك هذه الشجرة، وأنها لم تزل ذات أغصان نضرة، وساق صاعد في السماء، مع حسن استواء، وثخن في استقامة، إلى أن أنشأ الملك الأشرف شعبان بن حسين مدرسته تحت القلعة، فذكر له حسن هذه الشجرة، فتقدّم بقطعها لينتفع بها في العمارة، فمضوا إلى ما أمروا به من ذلك، فأصبحت وقد تكوّرت وتعقفت وصارت شنيعة المنظر فتركوها، واستمرّت كذلك مدّة، فاتفق أن زني يهودي بيهودية تحتها، فتهدّلت أغصانها وتحاتّ ورقها وجفت حتى لم يبق بها ورقة خضراء، وهي باقية كذلك إلى يومنا هذا ولهذه الكنيسة عيد يرحل اليهود

<<  <  ج: ص:  >  >>