للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجمع له ويبة، ولا يعرف في الدنيا بسر يتتمر قبل أن يصير رطبا إلا بأسوان.

ذكر بلاق «١»

بلاق: أجلّ حصن للمسلمين، وهي جزيرة تقرب من الجنادل، محيط بها النيل فيها بلد كبير يسكنه خلق كثير من الناس وبها نخل عظيم، ومنبر في جامع وإليها تنتهي سفن النوبة، وسفن المسلمين من أسوان، وبينها وبين القرية التي تعرف بالقصر، وهي أوّل بلد النوبة ميل واحد، وبينها وبين أسوان أربعة أميال، ومن أسوان إلى هذا الموضع، جنادل في البحر، لا تسلكها المراكب إلا بالحيلة، ودلالة من يخبر ذلك من الصيادين الذين يصيدون هناك، وبالقصر مسلحة وباب إلى بلد النوبة.

ذكر حائط العجوز «٢»

هذا الحائط، كان حصنا لأرض مصر، يحدق بجميعها، وكان فيه محارس ومسالح، ومن ورائه خليج يجري فيه الماء، معقود عليه القناطر، عملته دلوكة بنت زبا، وقد وهي وتلاشى، ولم يبق منه إلا يسير في شط النيل الشرقيّ ينتهي إلى أسوان.

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في كتاب فتوح مصر: فبقيت مصر بعد غرقهم، يعني فرعون وجنوده، وليس فيها من أشراف أهلها أحد، ولم يبق بها إلا العبيد، والأجراء، والنساء، فأعظم أشراف من بمصر من النساء، أن يولين منهم أحدا، وأجمع رأيهنّ، أن يولين امرأة منهن يقال لها: دلوكة بنت زبا، وكان لها عقل ومعرفة وتجارب، وكانت في شرف منهنّ وموضع، وهي يومئذ بنت مائة سنة وستين سنة، فملكوها، فخافت أن يتناولها ملوك الأرض، فجمعت نساء الأشراف فقالت لهنّ: إنّ بلادنا لم يكن يطمع فيها أحد، ولا يمدّ عينه إليها، وقد هلك أكابرنا وأشرافنا، وذهب السحرة الذين كنا نقوى بهم، وقد رأيت أن أبني حصنا أحدق به جميع بلادنا، فأضع عليه المحارس من كل ناحية، فإنا لا نأمن من أن يطمع فينا الناس، فبنت جدارا أحاطت به على جميع أرض مصر كلها، المزارع والمدائن والقرى، وجعلت دونه خليجا يجري فيه الماء، وأقامت القناطر والترع، وجعلت فيه محارس ومسالح على كل ثلاثة أميال، محرس ومسلحة، وفيما بين ذلك محارس صغار على كل ميل، وجعلت في كل محرس رجالا، وأجرت عليهم الأرزاق، وأمرتهم أن يحرسوا بالأجراس، فإذا أتاهم أحد يخافونه ضرب بعضهم إلى بعض بالأجراس، فأتاهم الخبر من أيّ جهة كانت في ساعة واحدة، فنظروا في ذلك، فمنعت

<<  <  ج: ص:  >  >>