يقال لهم امراء مصر، ومدّتهم ثلاثمائة وسبع وثلاثون سنة وسبعة أشهر وستة عشر يوما أوّلها يوم الجمعة مستهل المحرم، سنة عشرين من الهجرة، وآخرها يوم الاثنين سادس عشر شعبان، سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. وعدّة هؤلاء الأمراء مائة واثنا عشر أميرا.
القسم الثاني: من وليّ بالقاهرة منذ بنيت إلى أن مات الإمام العاضد لدين الله أبو محمد عبد الله رحمه الله، وهؤلاء يقال لهم الخلفاء الفاطميون، ومدّتهم بمصر مائتا سنة وثماني سنين وأربعة أشهر واثنان وعشرون يوما، أوّلها يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان، سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وآخرها يوم الأحد عاشر المحرّم، سنة سبع وستين وخمسمائة.
وعدّة هؤلاء الخلفاء أحد عشر خليفة.
والقسم الثالث: من ملك مصر بعد موت العاضد إلى وقتنا هذا الذي نحن فيه، ويقال لهم الملوك والسلاطين، وهم ثلاثة أقسام: القسم الأول ملوك بني أيوب، وهم أكراد.
والقسم الثاني البحرية وأولادهم، وهم مماليك أتراك لبني أيوب. والقسم الثالث مماليك أولاد البحرية، وهم جراكسة، وقد تقدّم في هذا الكتاب ذكر الأمراء والخلفاء، وستقف إن شاء الله تعالى على ذكر من ملك من الأكراد والأتراك والجراكسة، وتعرف أخبارهم على ما شرطنا من الاختصار، إذ قد وضعت لبسط ذلك كتابا سميته كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك، وجردت تراجمهم في كتاب التاريخ الكبير المقفى، فتطلبهما تجد فيهما ما لا تحتاج بعده إلى سواهما في معناهما.
[ذكر من ملك مصر من الأكراد]
اعلم أن الناس قد اختلفوا في الأكراد، فذكر العجم أنّ الأكراد فضل طعم الملك بيوراسف، وذلك أنه كان يأمر أن يذبح له كلّ يوم إنسانان ويتخذ طعامه من لحومهما، وكان له وزير يسمى أرماييل، وكان يذبح واحدا ويستحيي واحدا ويبعث به إلى جبال فارس، فتوالدوا في الجبال وكثروا.
ومن الناس من ألحقهم بإماء سليمان بن داود عليهما السلام، حين سلب ملكه ووقع على نسائه المنافقات الشيطان الذي يقال له الجسد، وعصم الله تعالى منه المؤمنات، فعلق منه المنافقات، فلما ردّ الله تعالى على سليمان عليه السلام ملكه، ووضع هؤلاء الإماء الحوامل من الشيطان قال: أكردوهم إلى الجبال والأودية، فربتهم أمّهاتهم وتناكحوا وتناسلوا، فذلك بدء نسب الأكراد.
والأكراد عند الفرس من ولد كرد بن اسفندام بن منوشهر، وقيل هم ينسبون إلى كرد بن مرد بن عمرو بن صعصعة بن معاوية بن بكر، وقيل هم من ولد عمر ومزيقيا بن عامر ابن ماء السماء، وقيل من بني حامد بن طارق، من بقية أولاد حميد بن زهير بن الحارث بن