هو لوقافة الحافظ لدين الله، كانت تقف بين يديه بالقصر، وكان بجوار المصنعة الصغرى الطولونية التي يجيء الماء إليها من عفصة الكبرى، وكان فيه حوش به عدّة بيوت للنساء المنقطعات.
[مسجد عظيم الدولة]
هذا المسجد كان معلقا بخط سوق القرافة الكبرى، واكن عظيم الدولة هذا صقلبيا صاحب الستر وحامل المظلة، وكان بجوار هذا المسجد مسجد التمساح، ومسجد السدرة، ومسجد جهة مراد، وكان القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي الفرج هبة الله بن الميسر، لما عمل قدّامة منارة النحاس الرومية ذات السواعد، واجتاز بها من تحت سدرة المسجد في ليلة الوقود، نصف شهر رجب سنة ثلاثين وخمسمائة، عاقتها السدرة فأمر بقطع بعضها، فقيل له: لا تفعل، فإنّ قطع السدر محذور. وقد روى أبو داود في كتاب السنن له، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«من قطع سدرة صوّب الله رأسه في النار» فقطعها على ركوب نصف شعبان، فما أسنى وصرف فيّ المحرّم وفني إلى تنيس وقتل.
[مسجد أبي صادق]
هذا المسجد كان غربيّ مسجد الأقدام، بناه ابن سعدون أبو الحسن عليّ بن محمد البغداديّ، بعد سنة عشرين وأربعمائة، وجدّده أخوه أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسن بن سعدون البغداديّ سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وهو مسجد أبي صادق مرشد المدينيّ المالكيّ المحدّث، وكان قاريء المصحف بالجامع، ومصليا به، ومصدّرا فيه لإقراء السبع، وكان فيه حنة على الحيوانات لا سيما على القطط والكلاب، وكان مشارف الجامع وجعل عليه جاريا من الغدد كلّ يوم لأجل القطط، وكان عند داره بزقاق الأقفال من مصر كلاب يطعمها ويسقيها، وربما تبع دابته منها شيء يمشي معه في الأسواق، قال الشريف محمد بن أسعد الجوّانيّ النسابة في كتاب النقط على الخطط: حدّثني الشيخ منجب غلام أبي صادق قال: كان لمولاي الشيخ أبي صادق كلب لا يفارقه أبدا، إذا كان راكبا يمشي خلفه، فإذا وقفت بغلته قام تحت يديها، فإذا رآه الناس قالوا هذا أبو صادق وكلبه.
وحدّثني قال: ولدت كلبة في مستوقد حمّام، وكان المؤذن يأتي خلف مولاي سحرا كل يوم لقراءة المصحف، وكان مولاي يأخذ في كمه كلّ يوم رغيفا، فإذا حاذى موضع الكلبة قلع طيلسانه وقطع الخبز للكلبة ويرمي لها بنفسه إلى أن تأكل، ثم يستدعي الوقاد ويعطيه قيراطا ويقول له: اغسل قدحها واملأه ماء حلوا، ويستحلفه على ذلك. فلما كبر أولادها صار يأخذ بعد رغيفين إلى أن كبروا وتفرّقوا. وحدّثني قال: كان قد جعل كراء حانوت برسم