ومصر، موضعها من جملة ما كان بستانا، أنشأها الملك المنصور قلاون، على يد الأمير علم الدين سنجر الشجاعيّ في سنة اثنتين وثمانين وستمائة، برسم أمّ الملك الصالح علاء الدين عليّ بن الملك المنصور قلاون، فلما كمل بناؤها نزل إليها الملك المنصور ومعه ابنه الصالح عليّ، وتصدّق عند قبرها بمال جزيل، ورتب لها وقفا حسنا على قرّاء وفقهاء. وغير ذلك. وكانت وفاتها في سادس عشر شوّال سنة ثلاث وثمانين وستمائة.
مدرسة ابن عرّام
هذه المدرسة بجوار جامع الأمير حسين بحكر جوهر النوبيّ من برّ الخليج الغربيّ خارج القاهرة، أنشأها الأمير صلاح الدين خليل بن عرّام، وكان من فضلاء الناس، تولى نيابة الإسكندرية وكتب تاريخا وشارك في علوم، فلما قتل الأمير بركة بسجن الإسكندرية ثارت مماليكه على الأمير الكبير برقوق حنقا لقتله، فأنكر الأمير برقوق قتله وبعث الأمير يونس النوروزيّ دواداره لكشف ذلك، فنبش عنه قبره فإذا فيه ضربات عدّة إحداهنّ في رأسه، فاتهم ابن عرّام بقتله من غير إذن له في ذلك، فأخرج بركة من قبره وكان بثيابه من غير غسل ولا كفن، وغسله وكفنه، وأحضر ابن عرّام معه فسجن بخزانة شمائل داخل باب زويلة من القاهرة، ثم عصر وأخرج يوم الخميس خامس عشر رجب سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، من خزانة شمائل، وأمر به فسمّر عريان بعد ما ضرب عند باب القلة بالمقارع ستة وثمانين بحضرة الأمير قطلودمر الخازندار، والأمير مامور حاجب الحجاب، فلما أنزل من القلعة وهو مسمر على الجمل أنشد:
لك قلبي بحلّه فدمي لم تحلّه ... لك من قلبي المكان فلم لا تحلّه
قال إن كنت مالكا فلي الأمر كلّه
وما هو إلّا أن وقف بسوق الخيل تحت القلعة وإذا بمماليك بركة قد أكبت عليه تضربه بسيوفها حتى تقطع قطعا وحز رأسه، وعلّق على باب زويلة وتلاعبت أيديهم، فأخذوا حد أذنه، وأخذوا حد رجله، واشترى آخر قطعة من لحمه ولاكها، ثم جمع ما وجد منه ودفن بمدرسته هذه. فقال في ذلك صاحبنا الأديب شهاب الدين أحمد بن العطار:
بدت أجزاء عرّام خليل ... مقطعة من الضرب الثقيل
وأبدت أبحر الشعر المراثي ... محرّرة بتقطيع الخليل
[المدرسة المحمودية]
هذه المدرسة بخط الموازنيين خارج باب زويلة تجاه دار القردمية، يشبه أن موضعها كان في القديم من جملة الحارة التي كانت تعرف بالمنصورية، أنشأها الأمير جمال الدين