أمرة مائة وقدّمه على ألف وجعله من أمراء المشورة، فلم يزل على هذا إلى أن مات الملك الناصر، فتولى غسله ودفنه. فلما ولي الملك الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاون سلطنة مصر أخرجه إلى نيابة حماه، فأقام بها مدّة ثلاثة أشهر ثم نقله إلى نيابة غزة، فحضر إليها وأقام بها نحو ثلاثة أشهر أيضا، ثم أحضره إلى القاهرة وقرّره على ما كان عليه، وولى نظر المارستان بعد نائب الكرك عند ما أخرج إلى نيابة طرابلس، ثم توجه لحصار الناصر أحمد بن محمد بن قلاون وهو ممتنع في الكرك، فأشرف عليه في بعض الأيام الناصر أحمد من قلعة الكرك وسبه وشيخه، فقال له الجاوليّ: نعم أنا شيخ نحس، ولكن الساعة ترى حالك مع الشيخ النحس، ونقل المنجنيق إلى مكان يعرفه ورمى به فلم يخطئ القلعة وهدم منها جانبا، وطلع بالعسكر وأمسك أحمد وذبحه صبرا. وبعث برأسه إلى الصالح إسماعيل، وعاد إلى مصر فلم يزل على حاله إلى أن مات في منزله بالكبش يوم الخميس تاسع رمضان سنة خمس وأربعين وسبعمائة، ودفن بمدرسته، وكانت جنازته حافلة إلى الغاية.
قد سمع الحديث وروى وصنف شرحا كبيرا على مسند الشافعيّ رحمه الله، وأفتى في آخر عمره على مذهب الشافعيّ، وكتب خطه على فتاوى عديدة، وكان خبيرا بالأمور، عارفا بسياسة الملك، كفوا لما وليه من النيابات وغيرها، لا يزال يذكر أصحابه في غيبتهم عنه ويكرمهم إذا حضروا عنده، وانتفع به جماعة من الكتاب والعلماء والأكابر، وله من الآثار الجميلة الفاضلة جامع بمدينة غزة في غاية الحسن، وله بها أيضا حمّام مليح، ومدرسة للفقهاء الشافعية، وخان للسبيل، وهو الذي مدّن غزة وبنى بها أيضا مارستانا، ووقف عليه عن الملك الناصر أوقافا جليلة، وجعل نظره لنواب غزة وعمر بها أيضا الميدان والقصر، وبنى ببلد الخليل عليه السّلام جامعا سقفه منه حجر نقر، وعمل الخان العظيم بقاقون، والخان بقرية الكثيب، والقناطر بغابة أرسوف، وخان رسلان في حمراء بيسان، ودارا بالقرب من باب النصر داخل القاهرة، ودارا بجوار مدرسته على الكبش، وسائر عمائره ظريفة أنيقة محكمة متقنة مليحة، وكان ينتمي إلى الأمير سلار ويجل ذكره.
[المدرسة الفارقانية]
هذه المدرسة خارج باب زويلة من القاهرة، فيما بين حدرة البقر وصليبة جامع ابن طولون، وهي الآن بجوار حمّام الفارقانيّ تجاه البندقدارية، بناها والحمام المجاور لها الأمير ركن الدين بيبرس الفارقانيّ، وهو غير الفارقانيّ المنسوب إليه المدرسة الفارقانية بحارة الوزيرية من القاهرة.
[المدرسة البشيرية]
هذه المدرسة خارج القاهرة بحكر الخازن المطل على بركة الفيل، كان موضعها