المهرانيّ على ساحل الحمراء، وهي موضع قناطر السباع، فيمرّ النيل بساحل الحمراء إلى المقس موضع جامع المقس الآن، وفيما بين الخليج، وبين ساحل النيل بساتين الفسطاط، فإذا صار النيل إلى المقس حيث الجامع الآن مرّ من هناك على طرف الأرض التي تعرف اليوم بأرض الطبالة من الموضع المعروف اليوم بالجرف، وصار إلى البعل، ومرّ على طرف منية الأصبغ من غربيّ الخليج إلى المنية، وكان فيما بين الخليج والجبل مما يلي بحريّ موضع القاهرة مسجد بني على رأس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، ثم مسجد تبر الإخشيديّ، فعرف بمسجد تبر، والعامّة تقول: مسجد التبن، ولم يكن الممرّ من الفسطاط إلى عين شمس، وإلى الحوف الشرقيّ، وإلى البلاد الشامية إلّا بحافة الخليج، ولا يكاد يمرّ بالرملة التي في موضعها الآن مدينة القاهرة كثير جدا، ولذلك كان بها دير للنصارى إلّا أنه لما عمر الإخشيد البستان المعروف: بالكافوريّ، أنشأ بجانبه ميدانا، وكان كثيرا ما يقيم به، وكان كافور أيضا يقيم به، وكان فيما بين موضع القاهرة، ومدينة الفسطاط مما يلي الخليج المذكور: أرض تعرف في القديم منذ فتح مصر بالحمراء القصوى، وهي موضع قناطر السباع، وجبل يشكر حيث الجامع الطولونيّ، وما دار به، وفي هذه الحمراء عدّة كنائس، وديارات للنصارى خربت شيئا بعد شيء إلى أن خرب آخرها في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون، وجميع ما بين القاهرة ومصر مما هو موجود الآن من العمائر، فإنه حادث بعد بناء القاهرة، ولم يكن هناك قبل بنائها شيء البتة، سوى كنائس الحمراء، وسيأتي بيان ذلك مفصلا في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
ذكر حدّ القاهرة
قال ابن عبد الظاهر في كتاب الروضة البهية الزاهرة في خطط المعزية القاهرة الذي استقرّ عليه الحال أنّ حدّ القاهرة من مصر من السبع سقايات، وكان قبل ذلك من المجنونة إلى مشهد السيدة رقية عرضا، اهـ. والآن تطلق القاهرة على ما حازه السور الحجر الذي طوله من باب زويلة الكبير إلى باب الفتوح وباب النصر، وعرضه من باب سعادة، وباب الخوخة إلى باب البرقية والباب المحروق، ثم لما توسع الناس في العمارة بظاهر القاهرة، وبنوا خارج باب زويلة حتى اتصلت العمائر بمدينة فسطاط مصر، وبنوا خارج باب الفتوح، وباب النصر إلى أن انتهت العمائر إلى الريدانية، وبنوا خارج باب القنطرة إلى حيث الموضع الذي يقال له بولاق حيث شاطىء النيل، وامتدّوا بالعمارة من بولاق على الشاطئ إلى أن اتصلت بمنشأة المهرانيّ، وبنوا خارج باب البرقية، والباب المحروق إلى سفح الجبل بطول السور، فصار حينئذ العامر بالسكنى على قسمين: أحدهما يقال له: القاهرة، والآخر يقال له: مصر. فأما مصر: فإنّ حدّها على ما وقع عليه الاصطلاح في زمننا هذا الذي نحن فيه من حدّ أوّل قناطر السباع إلى طرف بركة الحبش القبليّ، مما يلي بساتين الوزير، وهذا هو