طول حدّ مصر، وحدّها في العرض من شاطىء النيل الذي يعرف قديما بالساحل الجديد حيث فم الخليج الكبير، وقنطرة السدّ إلى أوّل القرافة الكبرى.
وأما حدّ القاهرة، فإنّ طولها من قناطر السباع إلى الريدانية، وعرضه من شاطىء النيل ببولاق إلى الجبل الأحمر، ويطلق على ذلك كله مصر والقاهرة، وفي الحقيقة قاهرة المعز التي أنشأها القائد جوهر عند قدومه من حضرة مولاه المعز لدين الله أبي تميم معدّ إلى مصر في شعبان سنة ثمان وخمسين وثلثمائة إنما هي ما دار عليه السور فقط غير أن السور المذكور الذي أداره القائد جوهر تغير، وعمل منذ بنيت إلى زمننا هذا ثلاث مرّات، ثم حدثت العمائر فيما وراء السور من القاهرة، فصار يقال لداخل السور: القاهرة، ولما خرج عن السور ظاهر القاهرة، وظاهر القاهرة أربع جهات: الجهة القبلية، وفيها الآن معظم العمارة، وحدّ هذه الجهة طولا من عتبة باب زويلة إلى الجامع الطولونيّ، وما بعد الجامع الطولونيّ، فإنه من حدّ مصر، وحدّها عرضا من الجامع الطيبرسيّ بشاطئ النيل غربيّ المريس إلى قلعة الجبل، وفي الاصطلاح الآن أن القلعة من حكم مصر، والجهة البحرية، وكانت قبل السبعمائة من سني الهجرة، وبعدها إلى قبيل الوباء الكبير فيها أكثر العمائر والمساكن، ثم تلاشت من بعد ذلك، وطول هذه الجهة من باب الفتوح، وباب النصر إلى الريدانية، وعرضها من منية الأمراء المعروفة في زمننا الذي نحن فيه بمنية الشيرج «١» إلى الجبل الأحمر، ويدخل في هذا الحدّ مسجد تبر والريدانية، والجهة الشرقية فإنها حيث ترب أهل القاهرة، ولم تحدث بها العمر من التربة إلا بعد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وحدّ هذه الجهة طولا من باب القلعة المعروف بباب السلسلة إلى ما يحاذي مسجد تبر في سفح الجبل، وحدّها عرضا فيما بين سور القاهرة، والجبل والجهة الغربية، فأكثر العمائر بها لم يحدث أيضا إلّا بعد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وإنما كانت بساتين وبحرا، وحدّ هذه الجهة طولا من منية الشيرج إلى منشأة المهرانيّ بحافة بحر النيل، وحدّها عرضا من باب القنطرة، وباب الخوخة وباب سعادة إلى ساحل النيل، وهذه الأربع جهات من خارج السور يطلق عليها: ظاهر القاهرة.
وتحوي مصر والقاهرة من الجوامع، والمساجد، والربط والمدارس، والزوايا، والدور العظيمة، والمساكن الجليلة، والمناظر البهجة، والقصور الشامخة، والبساتين النضرة، والحمامات الفاخرة، والقياسر المعمورة بأصناف الأنواع، والأسواق المملوءة مما تشتهي الأنفس، والخانات المشحونة بالواردين، والفنادق الكاظة بالسكان والترب التي تحكي القصور ما لا يمكن حصره، ولا يعرف ما هو قدره إلا أن قدر ذلك بالتقريب الذي