للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم خلع الملك الصالح وأقام بدله الملك الناصر حسنا في ثاني شوّال، وأخرج الأمير طاز من مصر إلى حلب نائبا بها ومعه إخوته، وصارت الأمور كلها راجعة إليه، وزادت عظمته وكثرت أمواله وأملاكه ومستأجراته حتى كاد يكاثر أمواج البحر بما ملك، وقيل له قارون عصره. وعزيز مصره، وأنشأ خلقا كثيرا، فقوى بذلك حزبه وجعل في كل مملكة من جهته عدّة أمراء، وصارت نوّابه بالشام وفي كل مدينة أمراء كبار، وخدموه حتى قيل كان يدخل كل يوم ديوانه من إقطاعه وأملاكه ومستأجراته بالشام وديار مصر مبلغ مائتي ألف درهم نقرة، وأكثر، وهذا شيء لم يسمع بمثله في الدولة التركية، وذلك سوى الإنعامات السلطانية والتقادم التي ترد إليه من الشام ومصر، وما كان يأخذ من البراطيل على ولاية الأعمال، وجامعه هذا وخانقاهه التي بخط الصليبة لم يعمر مثلهما قبلهما، ولا عمل في الدولة التركية مثل أوقافهما، وحسن ترتيب المعاليم بهما، ولم يزل على حاله إلى أن كان يوم الخميس ثامن شعبان سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، فخرج عليه شخص من المماليك السلطانية المرتجعة عن الأمير منجك الوزير يقال له باي، فجاء وهو جالس بدار العدل وضربه بالسيف في وجهه وفي يده، فارتجت القلعة كلها وكثر هرج الناس حتى مات من الناس جماعة من الزحمة وركب من الأمراء الكبار عشرة وهم بالسلاح عليهم إلى قبة النصر خارج القاهرة، ثم أمسك باي فجاء وقرّر فلم يعترف بشيء على أحد وقال: أنا قدّمت إليه قصة لينقلني من الجامكية إلى الإقطاع فما قضى شغلي، فأخذت في نفسي من ذلك، فسجن مدّة ثم سمّر وطيف به الشوارع، وبقي شيخو عليلا من تلك الجراحة لم يركب إلى أن مات ليلة الجمعة سادس عشري ذي القعدة، سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، ودفن بالخانقاه الشيخونية وقبره بها يقرأ عنده القرآن دائما.

جامع الجاكيّ

هذا الجامع كان بدرب الجاكي عند سويقة الريش من الحكر في برّ الخليج الغربيّ، أصله مسجد من مساجد الحكر، ثم زاد فيه الأمير بدر الدين محمد بن إبراهيم المهمندار، وجعله جامعا وأقام فيه منبرا في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، فصار أهل الحكر يصلون فيه الجمعة إلى أن حدثت المحن من سنة ست وثمانمائة، فخرب الحكر وبيعت أنقاض معظم الدور التي هناك، وتعطل هذا الجامع من ذكر الله وإقامة الصلاة لخراب ما حوله، فحكم بعض قضاة الحنفية ببيع هذا الجامع، فاشتراه شخص من الوعاظ يعرف بالشيخ أحمد الواعظ الزاهد صاحب جامع الزاهد بخط المقس، وهدمه وأخذ أنقاضه فعملها في جامعه الذي بالمقس في أوّل سنة سبع عشرة وثمانمائة.

[جامع التوبة]

هذا الجامع بجوار باب البرقية في خط بين السورين، كان موضعه مساكن أهل الفساد

<<  <  ج: ص:  >  >>