للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مارستان المغافر]

هذا المارستان كان في خطة المغافر التي موضعها ما بين العامر من مدينة مصر وبين مصلّى خولان التي بالقرافة، بناه الفتح بن خاقان في أيام أمير المؤمنين المتوكل على الله، وقد باد أثره.

المارستان الكبير المنصوريّ

هذا المارستان بخط بين القصرين من القاهرة، كان قاعة ست الملك ابنة العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله أبي تميم معدّ، ثم عرف بدار الأمير فخر الدين جهاركس بعد زوال الدولة الفاطمية، وبدار موسك، ثم عرف بالملك المفضل قطب الدين أحمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وصار يقال لها لدار القطبية، ولم تزل بيد ذريته إلى أن أخذها الملك المنصور قلاون الألفيّ الصالحيّ من مؤنسة خاتون ابنة الملك العادل المعروفة بالقطبية، وعوّضت عن ذلك قصر الزمرّد برحبة باب العيد في ثامن عشري ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين وستمائة، بسفارة الأمير علم الدين سنجر الشجاعيّ مدبر الممالك، ورسم بعمارتها مارستانا وقبة ومدرسة، فتولى الشجاعيّ أمر العمارة، وأظهر من الاهتمام والاحتفال ما لم يسمع بمثله حتى تم الغرض في أسرع مدّة، وهي أحد عشر شهرا وأيام، وكان ذرع هذه الدار عشرة آلاف وستمائة ذراع وخلفت ست الملك بها ثمانية آلاف جارية وذخائر جليلة، منها قطعة ياقوت أحمر زنتها عشرة مثاقيل، وكان الشروع في بنائها مارستانا أوّل ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وستمائة.

وكان سبب بنائه أنّ الملك المنصور لما توجه وهو أمير إلى غزاة الروم في أيام الظاهر بيبرس سنة خمس وسبعين وستمائة، أصابه بدمشق قولنج عظيم، فعالجه الأطباء بأدوية أخذت له من مارستان نور الدين الشهيد فبرأ، وركب حتى شاهد المارستان فأعجب به، ونذران آتاه الله الملك أن يبني مارستانا، فلما تسلطن أخذ في عمل ذلك فوقع الاختيار على الدار القطبية، وعوّض أهلها عنها قصر الزمرّذ، وولى الأمير علم الدين سنجر الشجاعيّ أمر عمارته، فأبقى القاعة على حالها وعملها مارستانا، وهي ذات إيوانات أربعة، بكلّ إيوان شاذروان، وبدور قاعتها فقية يصير إليها من الشاذروانات الماء، واتفق أن بعض الفعلة كان يحفر في أساس المدرسة المنصورية فوجد حق اشنان من نحاس، ووجد رفيقه قمقما نحاسا مختوما برصاص، فأحضرا ذلك إلى الشجاعيّ، فإذا في الحق فصوص ماس وياقوت وبلخش ولؤلؤ ناصع يدهش الأبصار، ووجد في القمقم ذهبا، كان جملة ذلك نظير ما غرم على العمارة، فحمله إلى أسعد الدين كوهيا الناصريّ العدل، فرفعه إلى السلطان. ولما نجزت العمارة وقف عليها الملك المنصور من الأسلاك بديار مصر وغيرها ما يقارب ألف

<<  <  ج: ص:  >  >>