للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع عبد الله يومئذ، وكان الناس يغزون بنسائهم في المراكب: من رأيت أشدّ قتالا؟ قالت علقمة: صاحب السلسلة، وكان عبد الله قد خطب بسيسة إلى أبيها، فقال له: إن علقمة قد خطبها، وله عليّ فيها رأي، فإن تركها أفعل، فكلم عبد الله علقمة، فتركها، فتزوّجها عبد الله بن سعد، ثم هلك عنها عبد الله، فتزوّجها بعده علقمة بن زيد، ثم هلك عنها علقمة، فتزوّجها بعده كريب بن أبرهة، وماتت تحته. وقيل: مشت الروم إلى قسطنطين ابن هرقل في سنة خمس وثلاثين، فقالوا: أنترك الإسكندرية في أيدي العرب وهي مدينتنا الكبرى؟ فقال: ما أصنع بكم ما تقدرون أن تمالكوا ساعة إذا لقيتم العرب، قالوا: اخرج على أنا نموت، فتبايعوا على ذلك، فخرج في ألف مركب يريد الإسكندرية، فسار في أيام غالبة الرياح، فبعث الله عليهم ريحا فغرّقهم إلا قسطنطين فإنه نجا بمركبه، فألقته الريح بصقلية، فسألوه عن أمره فأخبرهم، فقالوا: شتّت النصرانية، وأفنيت رجالها لو دخلت العرب علينا لم نجد من يردّهم، فقال: خرجنا مقتدرين فأصابنا هذا، فصنعوا له الحمام، ودخلوا عليه فقال: ويلكم يذهب رجالكم، وتقتلون ملككم؟ قالوا: كأنه غرق معهم، ثم قتلوه وخلوا من كان معه في المركب. قال أبو عمرو الكنديّ: وإنما سميت غزوة ذي الصواري لكثرة صواري المراكب واجتماعها.

[ذكر بحيرة الإسكندرية]

قال ابن عبد الحكم: كانت بحيرة الإسكندرية كروما كلها لامرأة المقوقس، فكانت تأخذ خراجها منهم الخمر بفريضة عليهم، فكثر الخمر عليها، حتى ضاقت به ذرعا، فقالت: لا حاجة لي في الخمر، أعطوني دنانير، فقالوا: ليس عندنا، فأرسلت إليهم الماء، فغرّقتها فصارت بحيرة يصاد فيها الحيتان حتى استخرجها الخلفاء من بني العباس، فسدّوا جسورها وزرعوها، ثم صارت بحيرة طولها إقلاع يوم في عرض يوم، ويصير إليها الماء من أشتوم في البحر الروميّ، ويخرج منها إلى بحيرة دونها في خليج عليه مدينتان: إحداهما الحدبة، والأخرى اتكو، وهي كثيرة المقاثي والنخل، وكلها في الرمل ويصب في هذه البحيرة خليج من النيل يسمى: الحافر، طوله نصف يوم أقلاعا، وهو كثير الطير والسمك والعشب، وكان السمك بوجود هذه البحيرة في الإسكندرية غاية في الكثرة، يباع بأقلّ القيم، وأبخس الأثمان، ثم انقطع الماء عن هذه البحيرة منذ.

[ذكر خليج الإسكندرية]

يقال: إن كلوباطرة الملكة، هي التي ساقت خليج الإسكندرية حتى أدخلته إليها، ولم يكن يبلغها الماء، فحفرته حتى أدخلته الإسكندرية، وبلطت قاعه بالرخام من أوّله إلى آخره، ولم يزل يوجد ذلك فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>