للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخرج إلى غيرها، وقال ابن أبي طي بعد ما ذكر استيلاء صلاح الدين على القصر، ومن جملة ما باعوه: خزانة الكتب، وكانت من عجائب الدنيا، ويقال: إنه لم يكن في جميع بلاد الإسلام دار كتب أعظم من التي كانت بالقاهرة في القصر، ومن عجائبها: أنه كان فيها ألف، ومائتا نسخة من تاريخ الطبريّ إلى غير ذلك، ويقال: إنها كانت تشتمل على ألف وستمائة ألف كتاب، وكان فيها من الخطوط المنسوبة أشياء كثيرة انتهى، ومما يؤيد ذلك أن القاضي الفاضل عبد الرحيم بن عليّ: لما أنشأ المدرسة الفاضلية بالقاهرة، جعل فيها من كتب القصر مائة ألف كتاب مجلد، وباع ابن صورة دلال الكتب منها جملة في مدّة أعوام، فلو كانت كلها مائة ألف لما فضل عن القاضي الفاضل منها شيء، وذكر ابن أبي واصل: أن خزانة الكتب كانت تزيد على مائة وعشرين ألف مجلد.

[خزانة الكسوات]

قال ابن أبي طي: وعمل يعني لمعز الدين الله دارا، وسماها: دار الكسوة كان يفصل فيها من جميع أنواع الثياب والبز، ويكسو بها الناس على اختلاف أصنافهم كسوة الشتاء والصيف، وكانت لأولاد الناس، ونسائهم كذلك وجعل ذلك رسما يتوارثونه في الأعقاب، وكتب بذلك كتبا، وسمى هذا الموضع: خزانة الكسوة، وقال عند ذكر انقراض الدولة.

ومن أخبارهم: أنهم كانوا يخرجون من خزائن الكسوة إلى جميع خدمهم وحواشيهم، ومن يلوذ بهم من صغير وكبير، ورفيع، وحقير كسوات الصيف والشتاء من العمامة إلى السراويل، وما دونه من الملابس والمنديل من فاخر الثياب، ونفيس الملبوس، ويقومون لهم بجميع ما يحتاجون إليه من نفيس المطعومات والمشروبات، وسمعت من يقول: إنه حضر كسا القصر التي تخرج في الصيف والشتاء، فكان مقدارها ستمائة ألف دينار وزيادة، وكانت خلعهم على الأمراء الثياب الديبقيّ، والعمائم بالطراز الذهب، وكان طراز الذهب والعمامة من خمسمائة دينار، ويخلع على أكابر الأمراء الأطواق والأسورة والسيوف المحلاة، وكان يخلع على الوزير عوضا عن الطوق عقد جوهر.

وقال ابن المأمون: وجلس الأجلّ يعني الوزير المأمون في مجلس الوزارة لتنفيذ الأمور، وعرض المطالعات، وحضر الكتاب، ومن جملتهم ابن أبي الليث كاتب الدفتر، ومعه ما كان أمر به من عمل جرائد الكسوة للشتاء بحكم حلوله، وأوان تفرقتها، فكان ما اشتمل عليه المنفق فيها لسنة ست عشرة وخمسمائة: من الأصناف أربعة عشر ألفا وثلثمائة وخمس قطع، وإنّ أكثر ما أنفق عن مثل ذلك في الأيام الأفضلية في طول مدّتها لسنة ثلاث عشرة، وخمسمائة: ثمانية آلاف وسبعمائة وخمس وسبعون قطعة، يكون الزائد عنها بحكم ما رسم به في منفق سنة، ست عشرة: خمسة آلاف وستمائة وأربعا وثلاثين قطعا، ووصلت الكسوة المختصة بالعيد في آخر الشهر، وقد تضاعفت عما كانت عليه في الأيام

<<  <  ج: ص:  >  >>