الصالحية: هذه البلدة اختطها الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب بن شادي، بأرض المسانح والعلاقمة في أوّل الرمل الذي بين مصر والشام، وأنشأ بها قصورا وجامعا وسوقا لتكون منزلة العساكر إذا خرجوا من الرمل، وذلك في سنة أربع وأربعين وستمائة.
[ذكر مدينة أيلة]
ذكر ابن حبيب: أنّ أثال، بضم أوّله ثم ثاء مثلثة، وادي أيلة، وأيلة، بفتح أوّله على وزن فعلة، مدينة على شاطىء البحر فيما بين مصر ومكة سميت: بأيلة بنت مدين بن إبراهيم عليه السلام، وأيلة، أوّل حدّ الحجاز، وقد كانت مدينة جليلة القدر على ساحل البحر الملح، بها التجارة الكثيرة وأهلها أخلاط من الناس، وكانت حدّ مملكة الروم في الزمن الغابر، وعلى ميل منها باب معقود لقيصر، قد كان فيه مسلحته، يأخذون المكس، وبين أيلة والقدس، ست مراحل.
والطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام، على يوم وليلة من أيلة، وكانت في الإسلام منزلا لبني أمية، وأكثرهم موالي عثمان بن عفان، وكانوا سقاة الحاج، وكان بها علم كثير، وآداب ومتاجر وأسواق عامرة، وكانت كثيرة النخل والزروع، وعقبة أيلة لا يصعد إليها من هو راكب، وأصلحها فائق مولى خمارويه بن أحمد بن طولون، وسوّى طريقها، ورمّ ما استرم منها، وكان بأيلة مساجد عديدة، وبها كثير من اليهود، ويزعمون أن عندهم برد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأنه بعثه إليهم أمانا وكانوا يخرجونه رداء عدنيا ملفوفا في الثياب قد أبرز منه قدر شبر فقط، ويقال: إنّ أيلة هي القرية التي ذكرها الله تعالى في كتابه حيث قال:
وقد اختلف في تعيين هذه القرية، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: وعكرمة والسديّ، هي أيلة؛ وعن ابن عباس أيضا: أنها مدينة بين أيلة والطور؛ وعن الزهريّ: إنها طبرية؛ وقال قتادة وزيد بن أسلم: هي ساحل من سواحل الشام بين مدين وعينونة، يقال لها: معناة، وسئل الحسين بن الفضل، هل تجد في كتاب الله الحلال لا يأتيك إلا قوتا والحرام يأتيك جزافا؟ قال: نعم في قصة أيلة: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ
[الأعراف/ ١٦٣] .
وكان من خبر أهل القرية أنهم كانوا من بني إسرائيل، وقد حرّم الله عليهم العمل في يوم السبت، فزين لهم إبليس الحيلة، وقال: إنما نهيتم عن أخذ الحيتان يوم السبت، فاتخذوا الحياض، فكانوا يسوقون الحيتان إليها يوم الجمعة، فتبقى فيها، فلا يمكنها الخروج منها لقلة الماء، فيأخذونها يوم الأحد.